التطبيق التقديري للعقوبات الجزائية " دراسة في سلطات القاضي الجزائي التقديرية في تطبيق العقوبات فى قانون الجزاء الکويتى "

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

عضو هيئة تدريس قسم قانون الجزاء کلية الحقوق - جامعة الکويت

المستخلص

العقوبة هي الجزاء الذي يقرره القانون ويوقعه القاضي بحکم قضائي باسم المجتمع على من تثبت مسئوليته عن الجريمة ويتناسب معها [1]. فکون العقوبة جزاء يجب أن تنطوي على ألم يحيق بالمجرم نظير مخالفته نصوص القانون أو أمره ، وذلک بحرمانه من حق من حقوقه التي يتمتع بها، کما أن هذا الجزاء يتعين أن يکون مقابلا ومتناسباً لجريمته فلا عقوبة ما لم ترتکب جريمة وتنشأ المسئولية عنها، وهذا ما يميزها عن تدابير الأمن والوقاية وعن غيرها من آثار الجريمة التي ليس لها طابع الجزاء کالتعويض والجزاء التأديبي.
والعقوبة کجزاء لها دور تربوي في المجتمع وهو تحقيق مصلحته عن طريق مکافحة الإجرام ، ومن ثم کان لمجتمع وحده الحق في المطالبة بتوقيع العقاب لذلک تسمى الدعوي الجنائية بالدعوى العمومية.
-         تطور مفهوم العقوبة الجزائية
من الملاحظ تطور مفهوم العقوبة الجزائية في الوقت الحالي ، وأحاطت به الکثير من المبادئ الواجب احترامها من قبل السلطة العامة التي يناط بها التطبيق ، والتي تحتکر بالإضافة إلى تطبيق العقوبة تجريم الأفعال الضارة أو المهددة بالضرر للمصالح الاجتماعية [2] .
ونتيجة لهذا التطور في مفهوم العقوبة أدى هذا التطور وبشکل طبيعي إلى تنوع هذه العقوبة ، فلم تعد فقط سالبة للحياة أو مقيدة للحرية - کما هو مشهور تقليدياً - وإنما أضيف لها العديد من العقوبات التي تحقق أهداف الجماعة في إنزال ذلک القصاص کالغرامة أو المصادرة ، بل إن مفهومها اتسع ليشمل تدابير أخرى ، التي قد تأخذ في بعض الأحيان صبغة العقوبة ، وقد تأخذ في بعض الأحوال صبغة التدبير الوقائي أو الاحترازي التي يطبق على الفرد نتيجة إبرازه لخطورة إجرامية قد تهدد أمن المجتمع بالاعتداء على قيمة محمية أو التهديد بالاعتداء عليها وهو ما يسمى بالتدبير الاحترازي[3] .
وتقدير العقوبة قضائياً أصبح عنصراً أساسياً من عناصر التقنية الجديدة لتوزيع وتسکين العقوبة، بل واحتلت مرکز الصدارة في تقييد حق الدولة في العقاب وتحديد مجاله  وهي محاولة لعقلنة العقوبة وإنسانيتها، وإخضاعها للمنطق ، واهتمت به کل المدارس الجزائية التي تعاقبت وخصصت لها من العناية ما لم تحظ به أية قضية أخرى منذ القرن الثامن عشر.