القيم التشکيلية والتعبيرية للتشکيلات النحتية بالخردة المعدنية

نوع المستند : مقالات علمیة محکمة

المؤلفون

1 باحث ماجستير بقسم التربية الفنية کلية التربية النوعية - جامعة المنصورة

2 أستاذ النحت بقسم التربية الفنية کلية التربية النوعية - جامعة المنصورة

3 أستاذ مساعد بقسم التربية الفنية کلية التربية النوعية - جامعة المنصورة

المستخلص

الملخص :
يهدف البحث الحالي إلي التعرف على العلاقة بين تطور فن النحت  وبين القيم التشکيلية والتعبيرية وتأثرها بتغيرات العصر الحديث .
وقد تناول البحث عدة محاور للقيم التشکيلية والتعبيرية المتغيرة منها :- الشکل ، المضمون ، الأسلوب، الإتزان ، الحرکة، الوحدة والتنوع ، و الفراغ.
وقد توصل الباحث إلى أن القيم التشکيلية والتعبيرية قيم متغيرة ، و تغير العصر وتطور فن النحت من أهم عوامل تغير القيم التشکيلية والتعبيرية ، ومن أهم ما تغير فى القيم التشکيلية والتعبيرية أن بعض هذه القيم التشکيلية التي کانت من أهم القيم الجمالية قديماً أصبحت ثانوية والعکس صحيح فقد ظهرت بعض القيم التشکيلية فى التکوينات النحتية وخاصة فى نحت الخردة المعدنية والتي لم يلجأ إليها النحاتقديماً.

الموضوعات الرئيسية


مقدمة البحث :

يعتمد النحات في تشکيل منحوتاته الفنية  من الخردة المعدنية علي عدة قيم تشکيلية وتعبيرية لإيصال المعني للمتلقي ، و لإضفاء جمالاً علي التشکيل النحتي تميزه عن باقي التشکيلات النحتية من الوسائط التشکيلية الآخرى " و النقاد الکبار علي إتفاق من أن " القيم التشکيلية " – العلاقات التنظيمية بين الأشکال المجردة – هي أهم مافي الفن " ([1]) فبدون هذه القيم التشکيلية والتعبيرية تصبح التشکيلات النحتية مجرد هيئات وکتل بدون روح أو معني ، وبالقيم التشکيلية والتعبيرية  ينقل النحات الوسائط التشکيلية من مجرد کتل صماء وقطع خردة معدنية إلي هيئات جمالية ذات قيم سامية تنقل المتلقي إلي عالم جمالي آخر وتجعله يسمو فوق المستوي الجسدي و المشکلات الحياتية التي تقابله في حياتة اليومية ليرتقي لمستوي الروح .

والقيم التشکيلية  ليست بمجموعة من القواعد والقوانين التي وضعها شخص ما لتقييم أونقد التشکيلات النحتية لکن " هي تلک القيم الموجودة في الحياة التي بحث عنها الإنسان دائماَ في حياته مثل الکتلة والملمس لذلک يجب علي النحات أن يتمتع بحس فني عالي ليدرک هذه القيم وکيفية تحقيقها في تکويناته النحتيه من الخردة المعدنية "([2]) ، فالنحات وحده هو من يقرر آى من هذه القيم سيدخلها في تشکيلاته النحتية المعدنية وآى من القيم التعبيرية التي ستضيف لمعنى التشکيل النحتي وتساعد في إيصال المضمون للمتلقي بما يتناسب مع رؤيتة الفنية . 

مشکلة البحث :

تعتبر القيم التعبيرية و التشکيلية روح التشکيل النحتي ، فهي التي تبرز مدي روعة ومصداقية التشکيل النحتي وتوحي بمضمون التشکيل النحتي وأحاسيس النحات للمتلقي ، لذلک وجب علينا دراستها و التمعن فيها وخاصة بعد تأثرها بظهور نحت الخردة المعدنية وتغيرها من خلال العصور والمدارس الفنية المختلفة ، ويمکن تحديد مشکلة البحث في السؤال الرئيسي التالي : -

إلي آى مدى يمکن تحقيق القيم التعبيرية والتشکيلية فى التشکيل النحتي بالخردة المعدنية؟

وللإجابة علي هذا السؤال يجب الإجابة أولاً علي الأسئلة التالية :

1- هل القيم التعبيرية والتشکيلية للتشکيل النحتي متغيره أم ثابتة  ؟

2- ما أهم العوامل المؤثرة في القيم التعبيرية والتشکيلية للتشکيل النحتي بالخردة المعدنية ؟

3- هل ظهرت أو إندثرت بعض القيم التشکيلية والتعبيرية نتيجة لتغير العصر وتقدم المجتمع و ظهور نحت الخردة المعدنية ؟

4- هل تأثر النحت المعاصر ونحت الخردة المعدنية بظهور بعض القيم التشکيلية الجديدة  ؟

أهداف البحث :

يهدف البحث الحالي إلي تحقيق الأهداف التالية : -

1.  توضيح العلاقة بين تطورالعلم وتقدم المجتمع و ظهور نحت الخردة المعدنية وبين تغير القيم التشکيلية والتعبيرية .

2.  اکتشاف العلاقة بين تغيير القيم التشکيلية والتعبيرية وبين تطور فن النحت وخاصة نحت الخردة المعدنية .

أهمية البحث :

تکمن أهمية البحث في الآتى : -

1.  يسهم البحث في توضيح وتحليل العلاقة الوطيدة بين القيم التشکيلية والتعبيرية وبين تطور المجتمع والعصر الذي يتواجد فيه  .

2.  تحليل العلاقة بين القيم التشکيلية والتعبيرية وبين نحت الخردة المعدنية وأثر ذلک علي التشکيلات النحتية المعاصرة .

3.  إلقاء الضوء علي القيم التشکيلية والتعبيرية وأهميتها في إثراء فن النحت المعاصر وخاصة نحت الخردة المعدنية .

فروض البحث :

1.  توجد علاقة وثيقة بين القيم التشکيلية والتعبيرية وبين المجتمع والعصر الذي يتواجد فيه وبين ظهور نحت الخردة المعدنية .

2.  تغير القيم التشکيلية والتعبيرية فى فن النحت المعاصر له أثر واضح في تطور مفهوم نحت الخردة المعدنية .

منهجية البحث :

تتبع الدراسة الحالية المنهج الوصفي و التحليلي .

حدود البحث :

يتناول البحث القيم التعبيرية والتشکيلية في نحت الخردة المعدنية .

لتحقيق أهداف البحث والتحقق من صحة فروض يتناول البحث بالدراسة النقاط التالية:-

اولاً مفهوم القيم التشکيلية  Formative Values:

" هي العلاقات التنظيمية الناجحة للعناصر ، وما تظهره من قيم وأسس في تحقيق وحده العمل بما يتفق مع مضمونه وفکرته ، وهي الجانب المادي الذي يمکن اختباره وقياسه وتقييمه في العمل لإرتباطه المباشر بصياغة الشکل والخامة (عناصر العمل ) " ([3]) .

ثانياً مفهوم القيم التعبيرية Expressive values :

" هي قيم نسبية يمکن الإستدلال عليها بمدي وضوح مستوي درجة القيم التشکيلية في تحقيق مضمون العمل ، حيث أنها ترجع الي قدرة النحات علي إکساب العناصر التشکيلية نظاما يظهر ويؤکد تفاعل الخصائص الحسية للخامة والشکل لتحقق فکرة العمل النحتي ، وربما يمکن أن تحققه العناصر التشکيلية من تفاعل مع الخبرة الإدراکية للمشاهد في تکشف وتتبع فکرة العمل " ([4]) فالخبرة الإدراکية للمتلقي لها دور کبير في تأثره بالقيم التعبيرية للتشکيل النحتي لذا فالنحات المبدع الذي يريد أن يخلد أعماله النحتية لابد من دراسة الخبرة السابقة للمتلقي حتي يضيف القيم التعبيرية التي تتناسب مع خصائص المجتمع و التحديات التي يفرضها العصر علي المتلقي .

 

ثالثاً القيم التعبيرية والتشکيلية في نحت الخردة المعدنية

 مع بداية ظهور فن إستخدام الخردة المعدنية في التشکيلات النحتية "  خرج النحات من بحثه عن العلاقات التي تحکم الطبيعة ومن مشکلة بحثه عن ما يتلائم من إختيارات لهذه العلاقات الموجودة سلفاً إلى البحث عن علاقات بين أجزاء متنافرة الشکل والهيئة " ([5]) ، لذا إبتکر النحات عدد من الأساليب الفنية المختلفة ، وإستخدم تقنيات جديدة تماماً على فن النحت ، وأدخل خامات متعددة في سبيل إيجاد تلک العلاقات ،" و التشکيل بالعديد من الخامات في مجال النحت المعاصر قد أبرز العديد القيم التشکيلية من إيقاع وإتزان وتناسب لتحقيق البعد التعبيري"([6]) ، وهذه القيم التشکيلية والجمالية والتعبيرية من أهم ما يميز النحت المعاصر .

و نتيجة ظهور مجالات جديدة علي فن النحت وإستخدام النحات تقنيات وأساليب فنية تتوافق مع هذه التطورات فى المجال العلمي والتقني .

وفيما يلي سيتم إستعراض بعض القيم التشکيلية والتعبيرية التي تغيرت بظهور نحت الخردة المعدنية  :-

1-الشکل Figure:

يعد الشکل من أهم مقومات قيام التشکيلات النحتية ، و يظهر من خلاله القيم التشکيلية والتعبيرية ، لکن قبل أن نستعرض أهم التغيرات التي طرأت علي الشکل في العصر الحالي وظهور فن نحت الخردة المعدنية ، نتعرف أولاً علي ماهية الشکل ، حيث يعرف " هربرت ريد Herbert Read  " الشکل قائلاً : " ليس شکل عمل فني ما بأکثر من هيئته ، أو ترتيب أجزاءه أو جانبه المرئي ، فإننا سنري شکلاً طالما کانت هناک هيئة ، وطالما کان هناک جزءان ، أو أکثر مجتمعين مع بعضهما ليعطوا نسقاً مرئياً ، ولکن من الطبيعي عند التحدث عن شکل عمل فني ما ، أن يتضمن الحديث أنه شکل خاص بطريقة معينة ، أو أنه شکل يؤثر على المتلقي بطريقة معينة " [7] ، فالنحات يلجأ إلي الشکل عادة لمحاولة التأثير علي المتلقي و نقل مضمون العمل الفني إليه بشکل مبسط يسهل فهمه ، ذلک لأنه الجزء الظاهر للمتلقي والذي يشمل خامات التکوين النحتي وتقنياتة المختلفة . 

قد أکد معظم النقاد والفنانين أنه بدون الشکل لا يوجد عمل فني ومنهم "أرنست فيشرErnest Fisher " الذي قال  : - "إن الفن هو إعطاء الأشياء شکلاً ، والشکل وحده الذي يجعل من الإنتاج الفني عملاً فنياً "[8] ، وکثير من النقاد والمشاهدين يقيموا العمل الفني عن طريق الشکل وقيمتة الجمالية .

وقديماً کان الشکل واقعي موضوعي ويحمل مضمون واضح للمتلقي کما في شکل رقم (1) ، وغالباً ما کان الشکل النحتي يتمثل من خلال عنصر بشري لشخصيات دينية أو تاريخية أو أسطورية ، أما في العصر الحديث بعد ظهور فن نحت الخردة المعدنية ، و بعد الإکتشافات العلمية المتلاحقة وإستخدام التکنولوجيا في التشکيلات النحتية ، وغزو الفضاء ومراقبة حرکة الذرات ، إنصرف معظم النحاتين عن الهيئة التي تحمل شکلاً معيناً موجوداً فى الطبيعة وإتجهوا إلي الهيئات التجريدية نوعاً ما وإلي خلق أشکال جديدة علي عين المتلقي معتمداً في ذلک علي الخامات وأشکالها التلقائية الغريبة لجذب الإنتباه وللثورة علي الأشکال المعروفة التي تجسد أو تحاکي الطبيعة و إبتکر النحات أشکاله الخاصة کما نري في شکل رقم (2) للفنان "جون تشامبرلينJohn Chamberlain  " الذى إستخدم صفائح معدنية من الخردة المضغوطة والتى تتواجد أماکن تجميع الخردة فى أماکن من أوربا وأعطى لها بعداً تعبيرياً فى علاقات جمالية للکتلة والفراغ .

 

شکل رقم (1)

عنوان العمل : الرحمة

إسم الفنان : مايکل أنجلو

خامات العمل : رخام .

مکان العمل : کنسية القديس بطرس / الفاتيکان

سنة الصنع :1499/1498م .

أبعاد العمل : غير معروف .

 

شکل رقم (2)

إسم العمل : غير معروف

إسم الفنان : جون تشامبرلين

أبعاد العمل : 170 × 8 × 5 سم

الخامات : الکروم المطلي،ستالستين

مکان العمل : متحف جوجنهايم

سنة الصنع: 2010

2- المضمون Content

المضمون يمکن وصفه بأنه غاية النحات في التشکيل النحتي فالنحات عندما يبدأ في عمل فني ما تکون غايته إيصال معني معين يشغل باله للمتلقي ، وفي سبيل ذلک يستخدم خامات متعددة وتقنيات وأساليب فنية حتي يصل بهذا المعني للمتلقي وهذا المعني هو المضمون – مضمون العمل الفني – لذا فالمضمون يعتبر أکبر عنصر يستحوذ علي إهتمام النحات والمتلقي معاً ، وإذا خلي العمل الفني من المضمون لا يصح أن يطلق عليه عمل فني" فإبتعاد الفن عن التعبير عن آى مضامين إنسانية يحصره في دائرة الشکلية المطلقة ، الأمر الذي يقضي علي فکرة " الفن " من أساسها "[9] ، بمعني أن  بدون المضمون لا وجود للعمل الفني ، بل يصبح مجرد شکل جمالي للتجميل وليس أکثر من ذلک .

فالمضمون فى مجال النحت يعبر عن رأي الفنان والمجتمع في قضايا العصر ، لذا فهو متغير ومتجدد دائماً حسب طبيعة المجتمع والعصر الذي وجد فيه العمل النحتي ، ومن الممکن أن يصبح العمل النحتي بلا معني ويصبح المضمون بلا قيمة إذا وجد في المکان أو الزمان غير الملائم ، فمن غير المعقول تقبل المتلقي لعمل نحتي يعد عن الرحمة بالحيوانات في بلاد يهان فيها الإنسان ، فلابد أن يکون المضمون نابع من قضايا المجتمع نفسه ويتوافق مع التقاليد الإجتماعية و المجتمعية.

و قديماً کان مضمون العمل النحتي محصور في الدين أو السياسة ، وذلک لطغيان رجال الدين والسلطة علي الحياة العامة ، فکانت الأعمال الفنية النحتية لتمجيد رجال الدين والسلطة  کما في شکل رقم (3) الذي يمثل الأمبراطور أوغسطس في أجمل هيئة له مشيراً بإصبعه للشعب بکل عزة وکبرياء .

و بعد ظهور فن نحت الخردة المعدنية بدأ النحات يبتعد عن المضامين التقليدية ويتجه نحو المضامين النابعة من المواضيع اليومية ، التي يعاني منها الإنسان المعاصر مثلما ينتقي خاماته من أدوات الإنسان اليومية وبقايا الخامات المعدنية فبدأ يبتعد قليلاً عن المثالية ويتجه نحو الواقع ، ًوبدأ يتحرر الإنسان من خوفه من السلطة وأصبح مستقل في آرائه وطريقه عيشه ، وأصبح العالم کله قرية صغيرة ، بدأ الإنسان يناقش قضايا أهم وأشمل  کما في شکل رقم (4 ) والذي يمثل فيه النحات " خوليو جونزاليز Julio Gonzalez " من خلال تکوينات نحتية مستوحاه من نبات الصبار للتعبير عن آلام الإنسانية من ويلات الحروب .

بعد أن أصبح الإنسان منفتح علي العالم کله وکثرت القضايا التي تشغل باله بدأ النحات يناقش أکثر من مضمون في عمل فني واحد ، مما أعطى قيم تعبيرية أکثر للعمل الفني ، وقد شجع النحات علي ذلک إستخدامه لخامات مختلفة في العمل الفني الواحد ، و مما لاشک فيه أن الأعمال  الفنية المميزة  " تنطوي علي أکثر من مضمون وربما (مضامين متعارضة) و مرونة المضمون هذه هي التي تمنح العمل الفني البقاء ، وقد تکون السمة الأساسية التي أسفرعنها ( فن الستنيات من القرن العشرين ) هي الغموض الذي يدفع المتلقي إلى التأمل ومحاولة الکشف عن المضمون "([10]) وقد لاقى المتلقي متعة کبيرة في محاولة الکشف عن مضامين الأعمال الفنية .

 

شکل رقم (3)

إسم العمل : الأمبراطور أوغسطس

إسم النحات : غير معروف

خامات العمل : الرخام

مکان العمل : متحف الفاتيکان

إرتفاع العمل :  2.04م

 

شکل رقم(4)

إسم العمل : الصبار

إسم النحات : خوليو جونزاليز

سنة الصنع : 1939

خامات العمل : غير معروف

3- الأسلوب Method

يمکن تعريف الأسلوب إجرائياً بأنه طريقة الفنان الخاصة في ترتيب عناصر العمل الفني و في إختيار الخامات والتقنيات المناسبة والتي تعبر عن مضمون العمل الفني وتناسب إمکانياته الفنية ، ويظهر أسلوب الفنان جلياً في إختياره للقيم التشکيلية والتعبيرية التي يستخدمها في عمله الفني حتي يؤکد علي مضمون العمل و يزيد من قيمته الجمالية .

و قديماً کان أسلوب الفنان عادة لا يتغير من عمل إلى آخر بل يظل الفنان ثابت علي أسلوب واحد طوال حياته الفنية ومعروف به ، وکانت الأساليب الفنية جميعاً متشابهة إلى حد ما ، والإختلاف بينهما طفيف ،و ذلک بسب عدم التنوع في المواد الخام المتاحة و تشابه التقنيات و المواضيع التي تناقش وتقليد شباب النحاتين لکبار النحاتين في أساليبهم لضمان نجاح أعمالهم الفنية ، أما الآن ومع الإنفتاح الکبير علي العالم الخارجي وتعدد الثقافات ، والتقدم العلمي الکبير الذي يشهده العالم کله ، و بعد ظهور فن نحت الخردة المعدنية فقد إختلف أسلوب الفنان تماماً متأثراً بالإکتشافات العلمية الحديثة لتقنيات جديدة والتي " أثرت في المبتکرات الفنية ، حتى أن أسلوب الکشف ذاته الذي يتبع في العلم إستخدم کذلک في العمليات الفنية " ([11]) فإستخدم النحات أسلوب التحليل والترکيب المستخدم في المنهج العلمي في تشکيل أعماله الفنية .

ومع تعدد القضايا التي يناقشها النحات والتطور العلمي المتلاحق الذي يؤثر علي الحياة اليومية بصفة مستمرة وعلي شکل الوسائط المادية المستخدمة وشکل الخردة المعدنية أيضاً ، بل وعلي طريقة تفکير الإنسان نفسه ،" فالفنان غالباً ما يستحدث من الأساليب ما يعينه علي مواجهة المتطلبات الجديدة ، وعملية الإبداع المرتبطة بالتطورالفکري الذي تتغير أشکاله بتغير العصور "([12]) ، فلم تعد الأساليب الفنية محددة بقوانين بل أصبح الفنان يبتکر أسلوبه الخاص وفقاً لمتطلبات العمل الفني و لطبيعة الوسائط التشکيلية ، وخاصة فى نحت الخردة المعدنية وذلک لتنوع الخردة المعدنية في خواصها وشکلها والخارجي  .

لذلک فقد تعددت الأساليب الفنية وتباينت فيما بينها تباين کبير ، بل إن الفنان الواحد أحياناً يغير أسلوبه الفني من عمل لآخر مما آثري فن النحت " فقد إمتاز النحت المعاصر بتعدد الأساليب الفردية للنحاتين نتيجة الحرية الفکرية والتشکيلية لتحقيق التوافق بين المحتوي التشکيلي والتعبيري في عمل النحت الحديث " ([13]) .

4- الکتلة mass :

يعرف هربرت ريد الکتلة بأنها : " فراغ صلب والضوء والظل هي تأثيرات الکتل بالنسبة للفراغ ، وليست الکتلة إلا عکس الفراغ " ([14]) يعني ذلک أن الکتلة هي ذلک الجزء الصلب الذي يستخدمه النحات من أجل تهذيبه بالتقنيات و الأساليب الفنية  المختلفة ، وهي الجزء  المرئي من الهيئة العامة للتشکيل النحتي ، وتؤکد " زکية رمضان" هذا بقولها : " إن الکتلة تعني الهيئة العامة المجسمة والمحددة لکيان العمل النحتي والتي تحوي التعبير عن ثقله وکثافته وصلابته " ([15]) ، وتحوي أيضاً الکتلة في طياتها القيم التشکيليلة والتعبيرية المختلفة للعمل النحتي .

إن الکتلة في مختلف الحضارات قد حظت بإهتمام بالغ من قبل النحاتين لما " لها من تأثير بصري علي المشاهد بما تحمله من تشکيل للعناصر التي تحوي مضموناً يجد ردود أفعال علي المتلقي بما تنطوي عليه الکتلة من جانب تعبيري " ([16]) ، فالکتلة دائماً کانت أول ما ينظر إليه المتلقي ، وقديماً کانت الکتلة عبارة عن هيئة واحدة صلبة لا يتخللها آى فراغ کما في شکل رقم (5) ، آما في نحت الخردة المعدنية  أصبحت الکتلة في التشکيل النحتي مجموعة من الکتل المتفرقة و المختلفة الشکل والنوع والحجم يتخللها فراغات کبيرة و ذلک بطبيعة الحال نتيجة إختلاف أشکال الخردة و أنواعها فالنحات يختار قطع الخردة التي تعبر عن أسلوبه الفني ومضمون التشکيل النحتي دون النظر إلي النوع أو الحجم  کما في شکل رقم (6) للنحات " إلکسندر کالدر" .

 

شکل رقم (5)

إسم العمل : القديس بطرس [17]

إسم الفنان : مايکل أنجلو

مکان العمل: قبة القديس دومينيک -إيطاليا

سنة الصنع : 1501 - 1504م

خامات العمل : رخام

 

شکل رقم (6)

إسم العمل : مجموعة نجوم بشکل عمودي مع قنبلة

إسم الفنان : إلکسندر کالدر

سنة الصنع : 1943

خامات العمل : خشب وحديد

5- الإتزان balance

الإتزان هو تناسب العلاقات بين الأوزان ويمکن تعريفه بوجه عام بأنه " العلاقة الوثيقة بين القوي الداخلية والخارجية في تکوين الهيئات العضوية " [18] ، و الإتزان يعتبر ضرورة ملحة في آى عمل نحتي لأن آي ترکيب نحتي  يجب أنينقل للإنسان الإحساس بالإستقرار والإتزان " فالإتزان من الخصائص الأساسية التي تلعب دوراً هاماً في تقديم العمل الفني والإحساس بالراحة النفسية حيث النظر إليه والخطوط الرئيسية في العمل النحتي لها تأثيراً کبيراً علي إحساسنا بتوازنها " [19]، والکتله والفراغ والالوان أيضاً ، والقيم التعبيرية والتشکيلية تلعب دوراً هاماً في تحقيق الإتزان في العمل النحتي ودائماً ما يصر النحات علي تحقيق الإتزان في العمل النحتي ليس فقط  لأنه أساس فني ولکن لأن الإتزان من أسس الحياة ومن فطرة الإنسان التي جلب عليها " فالإحساس بالتوازن رغبة غريزية يود الإنسان أن يحققها دائماً في العمل الفني " [20] ، کما يراها في الطبيعة من حوله .

وبرغم حرص النحات على تحقيق الإتزان في العمل النحتي ، إلا أنه لا يتقيد بقواعد وقوانين معينة لتحقيق الإتزان ذلک لأن الإتزان " لا يتحقق بمجموعة من القواعد فقط ، ولکنه يحدث عن طريق العملية التنظيمية للعمل الفني " [21] بشکل عام ، وعن طريق الحس الفني الواعي للفنان الذي ينظم عناصر عمله الفني مع مراعاه الوزن النوعي لکل عنصر ، والمتلقي أيضاً لا يقيم إتزان العمل الفني من خلال مجموعة من القواعد المحددة سلفاً ولکنه يشعر بالإتزان ويقيم مدى إبداع الفنان في تحقيق الإتزان من خلال حسه الفني وخبراته البصرية .

وعندما نقول توازن يتبادر إلي الذهن محورالإرتکاز ومحور الإرتکاز في التشکيل النحتي له دور رئيسي في تکامل بناء التشکيل النحتي ومن الممکن أن يکون هناک عدة محاور للإرتکاز في التشکيل النحتي الواحد .

والإتزان يمکن أن يتحقق في التکوين النحتي بعده طرق :-

أ- الإتزان المتماثل :

يسمي أيضا التوازن البسيط  لأنه أبسط أنواع الإتزان والفنان الذي يستخدم هذا النوع يضطر إلي تکرار العناصر حول محور الإرتکاز للعمل الفني ، لذلک قد يسمي أيضا بالإتزان المحوري ، وهو ما کان يستخدمه النحات عادة قديماً ، ولکن نحات الخردة المعدنية إستخدمه أيضاً في بعض تکويناته کما في شکل رقم (7)  .

ب- الإتزان غير المتماثل :

يکون فيه التوازن حسياً أکثر منه بصرياً ، وقد يوزع الفنان العناصر تبعاً لأهميتها وجذبها للمتلقي وهذا النوع من التوازن أکثر إمتاعاً للنفس و تأثيراً فيها من الإتزان المتماثل ، والفنان لا يمکن أن يصل إلى تحقيق هذا الإتزان بمجموعة من القواعد ، ولکن يصل اليه من خلال إحساسه العميق بالتکوين النحتي وبتنظيم عناصر العمل ، وقد إعتمد النحات المعاصرأکثرعلي هذا النوع من الإتزان  مثال شکل رقم (8) .

ج- الإتزان المستتر

يطلق عليه أيضا " الإتزان الوهمي " ، ويرجع ذلک لأنه " غير صريح " آى أنه ليس له محور إرتکاز أو مرکز ثقل  وأنه يعني إختلاف العناصر وتضادها  أکثرمما تتشابه ولذلک يعتبر هذا الإتزان أکثر أنواع الإتزان إمتاعاً للنفس و تأثيراً فيها ويثير لدي المتلقي الإنتباه واليقظة فهو لا يراه ولکنه يحسه ، ويقول روبرت جيلام : " الإتزان الوهمي مجال نهائي من التنوع والتغير يجب أن نعمل به مهما تکون قدراتنا التخيلية أو الحسيه " [22] . ومعني ذلک أن الإتزان المستتر يمنح الحرية المطلقة للفنان في تحديد مکان العناصر في العمل النحتي دون آى قوانين أو قيود وهو بذلک يلقي بالمسؤلية الکاملة علي الفنان ، وقد جذب هذا النوع من الإتزان نحات الخردة المعدنية لما يتضمنه من قدر کبير من الحرية ، ولتناسبه مع التنوع الشديد لأشکال الخردة المعدنية التي تميل بوجه عام للإتزان في التشکيلات النحتية کما في شکل رقم (9) .

 

 

 

شکل رقم (7)

عنوان العمل : الضفدعة .

إسم الفنان : صلاح عبد الکريم .

سنة الصنع :1975م .

أبعاد العمل : ٧٥ ´٣٠ سم .

خامات العمل : رمان بلي وحديد خردة .

 

شکل رقم : (8)

عنوان العمل : مواجهة الإغاثة .

إسم الفنان : فلاديمير تاتلين .

أبعاد العمل : ١٠ ´٢٥´٣٩سم .

سنة الصنع : ١٩١٦م .

خامات العمل : خشب وحديد وزنک .

مکان العمل : معرض تريتياکوف بموسکو.

     

 

 

 

 

 

 

شکل رقم (9)  ([23])

إسم العمل : عندما تأتي الرياح .

إسم الفنان : رودني کارول   Rodney Carrol.

الخامات  : شرائح من الصلب والألمونيوم .

سنة الصنع : 2000م .

أبعاد العمل : 21 ´14´9  بوصة .

مکان العمل : غير معروف .

6- الحرکة movement

إن الحرکة في التشکيلات النحتية نوعان الحرکة التعبيرية والحرکة الفعلية ، والحرکة التعبيرية هي حرکة إيهامية ،عبارة عن إيهام المتلقى بالحرکة ليطفي نوعاً من الإثارة و التغير في التشکيل النحتي فهذا التشکيل النحتي رغم أنه ساکن ولا يحتوي علي أي حرکة فعلية حقيقية لکنه يعطينا إحساس بالحرکة المستمرة ، من خلال الترتيب المنظم لعناصر الحرکة في التشکيل النحتي مع الإستغلال المنظم المدروس لعنصر الفراغ في التشکيل النحتي مثال شکل رقم (10) .

الحرکية الفعلية من القيم الجمالية التي ظهرت حديثاً ولم تکن مستخدمة في التشکيلات النحتية قديماً ، وقد أدخلها النحات المعاصر في ترکيباته النحتية نتيجة التطور العلمي الکبير الذي أتاح للنحات إدخال مواتير ودوائر کهربائية صغيرة في ترکيباتة النحتية ، وقد اضافها النحات المعاصر نتيجة تاثره بالحرکة المستمرة في جميع مجالات الحياة اليومية والتطور المتلاحق في مجال العلم فأراد النحات أن يساير العصر و يلاحق التطور ويعبر عن ما يجري حوله من حرکة مستمرة وتلک هي وظيفة الفن ، وقد أضافت الحرکة طابعا خاصاً للتشکيلات النحتية وبعثت فيه الروح وهذا ما يؤکده) زکريا ابراهيم ( بقوله :- " إن العمل الفني بمثابة ثمرة لعملية منهجية خاصة ألا وهي عملية تنظيم العناصر التي تتآلف منها حرکته فإن هذه الحرکة هي الکفيلة بأن تخلع عليه طابعاً زمنياً يجعل منه موجود حسي  تشيع فيه الروح " [24] وهذا أتاح للنحات التعبيرعن قضايا إنسانية مختلفة وإضافة قيم تشکيلية و تعبيرية جديدة و مختلفة للتشکيلات النحتية تتناسب مع طبيعة الخردة المعدنية التي يستخدمها النحات المعاصر في تشکيلاته النحتية . 

ويعتبر (الکسندر کالدر  Alexander Calder1898 –1976) من أهم فنانى الخردة المعدنية ،هو أول من  أدخل الحرکة علي فن النحت ، وأنشأ فن يسمي النحت الحرکي وأنجز العديد من التشکيلات النحتيه المتحرکة کما في شکل رقم  (11 ) ، وقد إعتمد في تشکيلاتة النحتيه على أسلوبين للحرکة : الأول إستخدم فيه الدوائر الکهربائية لتحريک القطع النحتية ، أما الأسلوب الثاني فقد إعتمد فيه علي حرکة الهواء لتحريک الأشکال بنظام معين قد درسه بدقة بالغة حتي لا يتحرک عشوائياً وإنما يتحرک وفق نظام فني معين صممه الفنان  .

   

شکل رقم (10) ([25])

إسم العمل : بنائية معلقة .

إسم الفنان : الکسندر رودشينکو .

سنة الصنع :1920م .

الخامات : خردة معدنية .

شکل رقم (11) [26]

إسم العمل : العالم .

إسم الفنان : الکسندر کالدر.

سنة الصنع :1934م .

الخامات : مواسير وأسلاک معدنية .

 

7- الوحدة والتنوع unity and diversity :

آى تکوين نحتي ناجح متميز لابد أن يحتوي علي عنصرى الوحدة والتنوع في آن واحد وذلک لأنهما صفتان جوهريتان في التکوين النحتي ، و ذلک مهما إختلف أسلوب الفنان أو الوسائط المادية المستخدمة أو حتي مضمون العمل الفني .

فالوحدة والتنوع موجودان بطبيعة الحال في الطبيعة من حولنا وبشکل عام ويحاول الفنان فقط أثناء عمله أن ينهج نهجها وأن يتبع إحساسه الفني دون الإلتزام بأى قوانين أو قواعد محددة لکي يحقق الوحدة و التنوع في العمل النحتي .

وقد يظن البعض أن الوحدة والتنوع عنصران متضادان ولکن في الحقيقة لا يوجد تعارض بين وحدة العمل النحتي وتنوع عناصره ، فالوحدة والتنوع عنصران مترابطان لا ينفصلان فلإحساس بالوحدة في العمل النحتي يتأکد بتنوع عناصره، ذلک لأن الوحدة تتحقق من خلال التکرار البسيط لبعض عناصر العمل مثل الملمس أو اللون أو الکتلة ، حيث أن التکرار البسيط يوحد بين الأسطح ، وقد تتحقق أيضا عن طريق سيادة بعض العناصر في العمل  النحتي .

 لذلک فإن التنوع في عناصر العمل النحتي ، والتغير في العلاقات المنتظمة وغير المنتظمة بين عناصر العمل يجعل التکرار البسيط  بين عناصر العمل النحتي يعطي للمتلقي نوع من الإنفعال الحسي الممتع ، ويعطي نوع من التوافق والحوار المستمر بين عناصر العمل النحتي ، وبين العمل النحتي والمتلقي .

و قديماً کانت قيمة الوحدة والتنوع غالباً ما يتجاهلها الفنان ، حتي إذا وجدت کان ذلک بفضل تجسيد الفنان للطبيعة التي تحوي في طياتها الوحدة والتنوع کما في شکل رقم (12) أما الآن فالوحدة والتنوع من أهم القيم التي يحرص النحات المعاصر عليها في التشکيل النحتي لجذب إنتباه المتلقي کما في شکل رقم (13) کما أن الخردة المعدنية بتنوعها وإتساقها في نظام واحد تعطي نوع خاص من الوحدة والتنوع للتشکيل النحتي حتي وإن لم يتعمد النحات إظهارها .

 

 


 

 

شکل رقم (12)

إسم العمل : المفکر .

إسم الفنان : أوجست رودان .

الخامة: برونز .

سنة الصنع : 1902م .

مکان العمل : کوبنهاجن ، الدنمارک.

 

شکل رقم (13) )[27](

إسم العمل : الزجاجة الکبيرة أو العروس منزوعة الثياب .

إسم الفنان:  مارسيل دوشامب .

الخامات :    خامات مختلفة .

سنة الصنع : 1915-1923 م .

مکان العمل : متحف فيلادلفيا للفنون .

أبعاد العمل : 277.5´175.8   سم .

8- الفراغ space :

إن الفراغ هو ذالک الفضاء الواسع الذى يوجد فيه العمل النحتي حيث يأتى من خلال  " حيز بلا مادة ، ويلعب دوراً کبيراً في إظهار القيمة الجمالية للجسم وهو الفجوة أو الحيز الذي يشغله الهواء ، وفي الأعمال النحتية توجد الفراغات بين المکونات المادية ( الکتل ) لقطعة النحت ويمکن أن تتخلل الکتلة نفسها " [28] .

و قديماً کان إهتمام الفنان الرئيسي يترکز علي الکتله ، وأهميتها في التشکيل النحتي فکان يعمل الفنان بأسلوب الحذف من الکتلة ، کما في شکل رقم (14) ، فهو لا يضع عنصر الفراغ في أولوية إهتماماته آما الآن ومع دخول خامات جديدة مجال التشکيل النحتي مثل اللدائن وبقايا المعادن والأسلاک إتسع حجم الفراغ حتي تساوي مع حجم الکتلة و أحياناً قد يزيد عنها ، وأصبح الفراغ أحد مکونات العمل النحتى.

ومع دخول عصر جديد وتطور مفهوم الفراغ نتيجة للکشوف العلمية وإکتشاف الفضاء أکثر ، أثر ذلک علي رؤية الفنان ، حتي أصبح الفراغ بالنسبة لبعض الفنانين عنصر أساسي شأنه شأن الشکل تماماً ، وأصبحت أعمال النحت الحديث کما تقول "حنان الزيني" تتمتع  بـ ( الفراغية الکاملة ) .

وأصبح الفراغ کما يقول "دورا أشيتون Dore Ashton" : " قد يکون الفراغ هو المادة الأساسية في التشکيل " [29] . لذلک إنشغل النحات أکثر بعنصرالفراغ فهو لم يعد لديه کتلة يحذف منها بل عنده فراغ يريد أن يملئه.

الفراغ إذن أصبح هو بؤرة إهتمام النحاتين " فالفراغ والسيطرة عليه کانت المشکلة المرکزية للنحات المعاصر في القرن العشرين ، فيبدوا أن مفهوماً جديداً وجوهرياً للفراغ يفرض نفسه علي الإتجاهات الفنية الحديثة " [30] . فکل إتجاه فني نحى منحى مختلف لمعالجة عنصر الفراغ  وإعطاءه قيمة تشکيلية . 

وقد إتجه أيضاً النحات لإستغلال عنصر الفراغ ليزيد من حريته في تشکيل العمل الفني ، فقديماً " کانت الخامات التقليدية تفرض شخصيتها علي التکوينات النحتية التي يحاول النحات فيها أن يبقي علي المظهر الطبيعي لنوع الخامة التي يستخدمها ، بحيث يتلائم التکوين مع هذه الخامة ، وذلک قد يعتبر معوقاً لتحريک تکويناته بحرية في الفراغ "[31] ، آما الآن مع إستخدام الخردة المعدنية کوسائط مادية ، فقد أصبح للنحات مطلق الحرية في تشکيل وترکيب عناصر التشکيل النحتي بما في ذلک عنصر الفراغ لما أتاحته الخردة المعدنية من مساحة أکبر للنحات من حيث الإبتکار والإبداع .

ولکي يحسن النحات التعاملً مع عنصر الفراغ في أعمال النحت بالخردة المعدنية لابد أن يتمتع بقدر کبير من الإبداع و الإدراک لخصائص الخامة ، ذلک لأن عنصر الفراغ عنصر غير مدرک بصرياً لکنه يدرک معرفياً وفنياً فقط .

 ولذلک فقد " أصبح إهتمام الفنانين وشغلهم الشاغل هو کيفية صياغة الفراغ بإعتبار إمکانية صياغته وقولبته کالطين تماما " [32] . ورغم صعوبة ذلک  فقد إستطاع بعض النحاتين أن يستغل عنصر الفراغ ويوظفه في التشکيل النحتي کآى مادة طيعه ومثال علي ذلک شکل رقم (15 ) للفنان ديفيد سميث وعمله المسمي نجم في قفص وقد إستخدم النحات في عمله هذا الأسلاک والقضبان المعدنية وبعض شرائح المعدن الصغيرة وقد إستغل الفراغ في إظهار الفضاء حول النجم وداخل القفص وبالرغم من ذلک فهو سجين داخل القفص.

 و لکن هذا لا يمنع أنه في بعض الأحيان" قد يتبادل الفراغ والکتلة الإهتمام إذا کان کلاً منهما جيد التصميم فيتعادلان من الناحية الفنية أو من حيث المعني الذي يراه المتلقي " [33]، فمعني هذا أن التنظيم الجيد للعناصر التشکيل النحتي هو الذي يکسبه الأهمية ويجذب عين المشاهد له .

   

شکل رقم (14) [34]

إسم العمل : موسي .

إسم الفنان : مايکل أنجلو .

مکان العمل : کاتدرائية القديس بطرس في روما .

سنة الصنع : غير معروف .

شکل رقم (15)

إسم العمل :  نجم في قفص .

إسم الفنان : ديفيد سميث .

مکان العمل : غير معروف .

سنة الصنع : ١٩٥٠م .

نتائج البحث:

من النتائج التي توصل إليها البحث ما يلي :

1.  القيم التشکيلية والتعبيرية دائماً في تغير وتجدد مستمر إستمرار الحياة .

2.  تغير العصر وتقدم المجتمع ، وظهور نحت الخردة المعدنية من أهم العوامل المؤثرة في القيم التشکيلية والتعبيرية .

3. نتيجة لتغير العصر و تطور فن النحت وخاصة نحت الخردة المعدنية قد ظهرت قيم تشکيلية وتعبيرية جديدة  وبالتبعية قد إندثرت بعض القيم التشکيلية والتعبيرية التي کانت تعتبر من المسلمات قديماً . 

4.  تغير القيم التشکيلية والتعبيرية قد أثر بشکل کبير وإيجابي علي تطور فن النحت عامة ونحت الخردة المعدنية خاصة  .

التوصيات :

يوصي الباحثون بما يلى :-

1.  إستمرار البحث عن التوظيف لمجال نحت الخردة المعدنية .

2.  التوظيف التربوي لأسلوب النحت المعدنى بالنفايات المعدنية .

3.  إجراء المزيد من الدراسات حول الوسائط التشکيلية المتعددة والتوليف بينهما في العمل النحتى.



([1]) الکسندر اليوت : " افاق الفن " ، ترجمة ابراهيم يسرا ، هلا للنشر والتوزيع ، الجيزة ، 200، ص12.

([2])  شحاتة احمد عبد الرحيم: " المواد المخلقة کخامات مستحدثة فى التشکيلات النحتية" ، رسالة دکتوراه غير منشورة ، کلية الفنون الجميلة ، جامعة حلوان ، ٢٠٠٠ ،ص128 .

 ([3]) محمد اسحق قطب :المفهوم الجمالي لتناول الخامة في النحت الحديث ، رسالة دکتوراة ، کلية التربية الفنية ، جامعة حلوان ، 1994 ، ص31.

([4]) نفس المرجع السابق ص31.

 ([5]) حنان وحيد الدين أحمد علي الزيني : " القيمة الابداعية للاعمال المعدنية لصلاح عبدالکريم في ضوءأسلوب الترکيبات المعدنية في الفن المعاصر  " رسالة دکتوراه , کلية التربية الفنية , جامعة  حلوان ، ٢٠٠٣، ص113.

([6]) محسن محمد عطية : اتجاهات الفن الحديث ، دار المعارف ، القاهرة ،1995 ، ص29.

([7])هربرت ريد : معني الفن ، ترجمة سامي خشبة ، مراجعة مصطفي حبيب ، دار الکتاب العربي ، ص ٥١.

([8])أرنست فيشر : " ضرورة الفن " ، ترجمة أسعد حليم ، الهيئة المصرية العامة للکتاب ، القاهرة ١٩٨٦ ، ص  ٢٠١.

([9])مختار العطار :"آفاق الفن التشکيلي علي مشارف القرن الحادي والعشرين " مرجع سابق ، ص 11.

([10])مختار العطار :"آفاق الفن التشکيلي علي مشارف القرن الحادي والعشرين " ، مرجع سابق ، ص14.

([11])محمود البسيوني : "العملية الإبتکارية" ، دار المعارف ، القاهرة ، ١٩٩٠ ، ٥٨-٥٩.

([12]) مختار العطار : " الفن والحداثة بين الامس و اليوم " ، الهيئة المصرية العامة للکتاب ، القاهرة ، ١٩٩٢، ص٨ .

([13]) محمد رضا محمد الصياد: " الصياغات التشکيلية للنحت البارز في الفن الحديث  والافادة منها في التربية الفنية" ، رسالة ماجستير غير منشورة ، جامعة حلوان  ، کلية التربية الفنية ،٢٠٠١ .ص 81.

([14]) هربرت ريد : " الفن اليومترجمة محمد فتحى، مؤسسة المعارف للطباعة والنشر، 1982، ص 63 .

([15]) زکية سيد رمضان:" تزاوج خامات الشکل المجسم في النحت الحديث وآثره علي القيم الجمالية للعمل الفني"، رساله دکتوراة غيرمنشورة ، جامعة حلوان. التربية الفنية ، ٢٠٠٠، ص٧١.

([16]) برنارد مايزر : " الفنون التشکيلية وکيف نتذوقها " ، ترجمة سعيد المنصوري ، دار النهضة المصرية ، القاهرة ، 1966م  ، ص112 .

([17])http://ar.wikipedia.org /w/index.php?title:San_Domenico. jpg &filetimestamp

([18])زکية سيد رمضان:" تزاوج خامات الشکل المجسم في النحت الحديث وآثره علي القيم الجمالية للعمل الفني" ،مرجع سابق ، ص١٠٠.

([19])عبد الفتاح رياض : " التکوين في الفنون التشکيلية " ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، ١٩٧٢، ص ١٠٢.

([20])نفس المرجع السابق ، ص ١٠٢.

([21] شحاتة احمد عبد الرحيم: " المواد المخلقة کخامات مستحدثة فى التشکيلات النحتية" ، مرجع سابق ، ص١٢٥.

([22]) روبرت جيلام سکوت: " أسس التصميم " ، ترجمة محمد محمود يوسف، عبدالباقى محمد إبراهيم ، دار نهضة مصر، القاهرة ،١٩٨٠، ص٥٤ .

 ([23]) وائل عبد العظيم عبد الجواد : " الشرائح المعدنية وإمکاناتها التشکيلية والتعبيرية في النحت المعاصر والإفادة منها في مجال التربية الفنية" ، رسالة ماجستيرغير منشورة ، کلية التربية الفنية ، جامعة حلوان ، ١٩٨٠، ص ٢٨.

([24])زکريا ابراهيم : " مشکلة الفن" ، مکتبة مصر القاهرة ، ١٩٧٦، ص٣٢.

 ([25]) هربرت ريد : " النحت الحديث/ تاريخ موجز" , ترجمة فخري خليل , المؤسسة العربية للدراسات والنشر , ط١ , ١٩٩٤ , ص89. 

([26])http://www.wikipaintings.org/en/search/

([27])www.fondation-langlois.org

([28])زکية سيد رمضان:" تزاوج خامات الشکل المجسم في النحت الحديث وآثره علي القيم الجمالية للعمل الفني"، مرجع سابق ، ص٧٩.

([29])Dore Ashton  : " Modern of American Sculpture "، H. N. Abrams ،1968  ،p 19

[30])(حنان وحيد الدين أحمد علي الزيني :" القيمة الابداعية للاعمال المعدنية لصلاح عبدالکريم في ضوءأسلوب الترکيبات المعدنية في الفن المعاصر  "، مرجع سابق ، ص103.

[31])(شحاتة احمد عبد الرحيم: " المواد المخلقة کخامات مستحدثة فى التشکيلات النحتية" ،مرجع سابق ، ص٧٧.

[32](العنود عبد القادر شيبي : " الاستخدام المقصود للفراغ کعنصر من العناصر المکونه للنحت الحديث"،رسالة ماجستير ، کلية الاقتصاد المنزلي ، جامعة الملک عبد العزيز ، ٢٠٠٩، ص ١٠٢.

([33])  David Krech ، Richard S. Crutchfield : " theory and problems of social psychology" Mcgraw ، hill Book Go ،1948 .،p109 .

([34])http://ar.wikipedia.org /w/index.php?title:San_Domenico. jpg &filetimestamp

المراجع :
المراجع العربية :-
1.العنود عبد القادر شيبي : " الاستخدام المقصود للفراغ کعنصر من العناصر المکونه للنحت الحديث"،رسالة ماجستير غير منشورة ، کلية الاقتصاد المنزلي ، جامعة الملک عبد العزيز ، 2009.
2.    الکسندر اليوت : " افاق الفن " ، ترجمة ابراهيم يسرا ، هلا للنشر والتوزيع ، الجيزة ، 200.
3.    برنارد مايزر : " الفنون التشکيلية وکيف نتذوقها " ، ترجمة سعيد المنصوري ، دار النهضة المصرية ، القاهرة ، 1966م  .
4.حنان وحيد الدين أحمد علي الزيني : " القيمة الابداعية للاعمال المعدنية لصلاح عبدالکريم في ضوءأسلوب الترکيبات المعدنية في الفن المعاصر  " رسالة دکتوراه , کلية التربية الفنية , جامعة  حلوان ، ٢٠٠٣.
5.شحاتة احمد عبد الرحيم: " المواد المخلقة کخامات مستحدثة فى التشکيلات النحتية" ، رسالة دکتوراه غير منشورة ، کلية الفنون الجميلة ، جامعة حلوان ، ٢٠٠٠ .
6.    روبرت جيلام سکوت : " أسس التصميم " ، ترجمة محمد محمود يوسف، عبدالباقى محمد إبراهيم ، دار نهضة مصر، القاهرة ،١٩٨٠.
7.    زکريا ابراهيم : " مشکلة الفن" ، مکتبة مصر القاهرة ، ١٩٧٦.
8.زکية سيد رمضان:" تزاوج خامات الشکل المجسم في النحت الحديث وآثره علي القيم الجمالية للعمل الفني"، رساله دکتوراة غيرمنشورة ، جامعة حلوان. التربية الفنية ، ٢٠٠٠.
9.    محسن محمد عطية : اتجاهات الفن الحديث ، دار المعارف ، القاهرة ،1995.
10.مختار العطار :"آفاق الفن التشکيلي علي مشارف القرن الحادي والعشرين " ، دار الشروق ، القاهرة ،٢٠٠٠.
11.محمد اسحق قطب :المفهوم الجمالي لتناول الخامة في النحت الحديث ، رسالة دکتوراة ، کلية التربية الفنية ، جامعة حلوان ، 1994م.
12.محمد رضا محمد الصياد: " الصياغات التشکيلية للنحت البارز في الفن الحديث  والافادة منها في التربية الفنية" ، رسالة ماجستير غير منشورة ، جامعة حلوان  ، کلية التربية الفنية ،٢٠٠١.
13.محمود البسيوني : "العملية الإبتکارية" ، دار المعارف ، القاهرة ، ١٩٩٠.
14.مختار العطار : " الفن والحداثة بين الامس و اليوم " ، الهيئة المصرية العامة للکتاب ، القاهرة ، ١٩٩٢ .
15.هربرت ريد : " الفن اليوم "، ترجمة محمد فتحى، مؤسسة المعارف للطباعة والنشر، 1982 .
16.هربرت ريد : " النحت الحديث/ تاريخ موجز" , ترجمة فخري خليل , المؤسسة العربية للدراسات والنشر , ط١ , ١٩٩٤ . 
17.وائل عبد العظيم عبد الجواد : " الشرائح المعدنية وإمکاناتها التشکيلية والتعبيرية في النحت المعاصر والإفادة منها في مجال التربية الفنية" ، رسالة ماجستير غير منشورة ، کلية التربية الفنية ، جامعة حلوان ، ١٩٨٠.
المراجع الأجنبية :-
1.David Krech ، Richard S. Crutchfield : " theory and problems of social psychology" Mcgraw ، hill Book Go ،1948.،p109. 
2.  Dore Ashton : " Modern of American Sculpture "، H. N. Abrams ،1968  ،p 19
3.  http://ar.wikipedia.org /w/index.php?title:San_Domenico22. jpg &filetimestamp
4.  www.fondation-langlis.org