فاعلية برنامج مبنى على استراتيجيات تنمية التخيل وأثره على التفکير الابتکارى لدى تلاميذ مرحلة التعليم الابتدائى

المؤلف

أستاذ الصحة النفسية والإرشاد النفسي المشارک کليه الآداب والعلوم الإدارية قسم: التربية وعلم النفس جامعة أم القري


مقدمة

   الأطفال يختلفون فيما بينهم فى قدرتهم على إنتاج الاستجابات التخيلية ليس هذا فحسب ، ولکن أيضاً قدرة الطفل على إنتاج الاستجابات التخيلية تتزايد مع التقدم فى النمو والتطور وتصبح هذه الاستجابات أکثر تنوعاً .

   وقد أشارت دراسات سابقة إلى أن قدرة الأطفال على إنتاج الاستجابات التخيلية وجدت مرتبطة بقدرتهم على التفکير الابتکارى (فاروق السعيد جبريل وآخرون ، 2003) . وأنه على الرغم من هذه العلاقة ، وعلى الرغم من اهتمام تورانس وتلاميذه (Torrance, 1976, 1977, 1980) بالتخيل کمؤشر للقدرة على التفکير الابتکارى ، إلا أن هذه العلاقة لم تحظى بالاهتمام الکافى فى الدراسات العربية ، وعلى الأقل فى البيئة السعودية .

   ويرى فؤاد البهى (1974) أن التخيل باعتباره عملية عقلية عليا تقوم فى جوهرها على إنشاء علاقات جديدة بين الخبرات السابقة ويتم تنظيمها فى صور وأشکال لا خبرة للفرد بها من قبل ، وأن عملية التخيل تستعين بالتذکر فى استرجاع الصور العقلية المختلفة ثم تمضى لتؤلف منها تنظيمات جديدة تصل الفرد بماضيه وتمتد به إلى حاضره ، وتستطرد إلى مستقبله ، فتبنى من ذلک دعائم قوية للابتکار والتکيف السوى مع البيئة .

   ولعل هذا هو الذى أدى إلى النظر إلى النشاط الخيالى على انه نشاط تمتزج فيه صور وخبرات وتوقعات الأزمنة الثلاثة (الماضى والحاضر والمستقبل) ومن خلال هذا الامتزاج ينتج المرکب الجديد الناتج عن عمليات الدمج والترکيب بين مکونات الذاکرة والإدراک وبين الصور العقلية التى تشکلت من قبل من خلال الخبرات الماضية (شاکر عبدالحميد ، وعبداللطيف خليفة ، 2000).

   وقد ميز تورانس (Torrance, 1976) من خلال استبصاراته وملاحظاته التجريبية لسلوک الأفراد ذوى التفکير الابتکارى بين نوعين من التخيل العقلى يستخدمها الطفل المبتکر فى تصوراته الابتکارية ؛ هما : المنظور البصرى غير العادى Unusual Visual Perspective والمنظور البصرى الدينامى (الداخلى) Internal Visual Perspective . ويرى أن المنظور البصرى غير العادى هو المنظور الذى يختلف عن المنظور الساکن أو الصريح أو الشائع لدى غالبية الأفراد ، بينما المنظور البصرى الدينامى فيتمثل فى القدرة على تعميق النظر عبر سطح الأشياء ودفع الانتباه إلى داخلها والبحث فى دينامياتها .

   وتؤکد الدراسات حول العلاقة بين التخيل والمنظورات البصرية وعلاقتهما بالتفکير الابتکارى ، على أن هناک اتفاقاً حول أهمية والتخيل والتصور البصرى والتفکير الابتکارى لدى الأطفال (فاروق السعيد جبريل وآخرون ، 2003) . وفى ضوء ذلک ، فإنه يمکن القول بأن کل طفل لديه الاستعداد للتفکير بطريقة ابتکارية ، وأن لديه إمکانية التفکير الابتکارى بدرجة ما شأنه فى ذلک شأن بقية الخصائص التى توجد لديه بدرجات متفاوته ، وليس هذا فحسب ، بل إن کل طفل يمکن أن يکون مبتکراً بدرجة ما ، إذا اتيحت له الفرصة المناسبة لتنمية القدرات والمهارات والخصائص المرتبطة بالسلوک الابتکارى ، ويکون هذا فى ضوء ما تحدده عوامل النمو الطبيعية لهذه القدرات ، وهو ما يعرف بتأثير العوامل الوراثية ، وأن کل المطلوب من المهتمين بالأطفال هو تشجيع وتدعيم هذا النوع من التفکير لديهم من خلال برامج التنمية المختلفة المرتبطة بالتفکير الابتکارى (سناء محمد نصر حجازى ، 2008 ؛ ممدوح عبدالمنعم الکنانى ، 2010) .

مشکلة البحث :

   وفى ضوء ما سبق تدور مشکلة البحث الحالى حول ، مدى إمکانية تنمية التخيل لدى الأطفال العاديين وأثر ذلک على التفکير الابتکارى لديهم . ولذا ، يسعى البحث الحالى الإجابة على التساؤلات التالية :

1  -  هل توجد علاقة بين التخيل لدى الأطفال عينة البحث وقدرتهم على التفکير الابتکارى ؟

2  -  ما أثر البرنامج المبنى على استراتيجيات تنمية التخيل على تنمية التخيل لدى الأطفال عينة البحث (العينة التجريبية) ؟

3  -  ما أثر تنمية التخيل لدى الأطفال عينة البحث (العينة التجريبية) على التفکير الابتکارى لديهم ؟

أهداف البحث :

   إن تقدم الأمم يعتمد على تقدم شعوبها ، وإذا لم تعمل کل امة على تنمية أبناءها وإمکاناتهم البشرية ، فهى لن تستطيع أن تنمى شيئاً آخر من الناحية المادية أو الاقتصادية أو السياسية أو الثقافية . ومن ثم فإن المشکلة الرئيسة فى کل البلدان النامية ، والبلدان العربية منها ، والبيئة السعودية بصفة خاصة ، ليست الفقر فى الموارد الطبيعية ولکن فى مصادرها ومواردها
البشرية .؟ وهکذا لکى تنمو البيئة السعودية وتتقدم يجب عليها أن تنمى رأسمالها البشرى .

   ولما کانت الدراسات فى مجال الطفولة أثبتت أن الطفل لدية القدرة على التفکير الابتکارى ، وأنه يجب الاهتمام بالطفل منذ الصغر وبما يمتلکه من قدرات وطاقات تحتاج إلى توجيه وتنمية حتى يستفيد بها المجتمع . وفى ضوء العلاقة بين التخيل والقدرة على التفکير الابتکارى ، فإن البحث الحالى يهدف إلى التأکد من وجود العلاقة بين التخيل والقدرة على التفکير الابتکارى ، ودراسة مدى إمکانية تنمية استراتيجية التخيل لدى الأطفال وأثر ذلک على تنمية القدرة على التفکير الابتکارى لديهم .

أهمية البحث :

   أثبتت دراسات عديدة فيما يقـرر تورانس (Torrance, 1976, 1980) أن

هذا النوع من التفکير هام فى تقـدم الأمم وتحقيق النجـاح والإنجـاز فـى شتى

مجالات العلوم المختلفة کما أنه هام فى تحقيق النجاح فى مجالات الدراسة والعمل . ويمکن القول بأن البحث الحالى يکتسب أهميته من عدة جوانب نوضحها فيما يلى :

1  -  افتقاد التراث السيکولوجى فى البيئة السعودية للبحوث التى تهتم بمثل هذه المتغيرات فى مقابل ما وجدناه من اهتمام فى البحوث الأجنبية . ومن ثم فالبحث الحالى استجابة موضوعية لما ينادى به المربون فى الوقت الحاضر من ضرورة وجود برامج لتنمية استراتيجيات التفکير بهدف تنمية القدرات العليا لديهم .

2  -  تقديم برنامج قائم على استراتيجيات تنمية التخيل لدى الأطفال يمکن أن يساعد فى تنمية التفکير الابتکارى لديهم . وفى هذا إفادة أيضاً لمخططى المناهج وواضعيها من خلال تزويدهم بمجموعة من الأفکار تساعد فى کيفية عرض المادة التعليمية بأسلوب يتفق مع استراتيجيات التفکير التى تسمح بتنمية التفکير الابتکارى لدى التلاميذ منذ الطفولة .

الإطار النظرى فى ضوء الدراسات السابقة :

   يهدف البحث الحالى إلى التعرف على دور تنمية إستراتيجية التخيل فى تنمية القدرة على التفکير الابتکارى لدى عينة من الأطفال السعوديين . ولذا ، سوف يتم تناول هذه المتغيرات فى ضوء المفاهيم التى تبناها البحث الحالى ، على النحو التالى :

التخيل عند الطفل وإستراتيجية تنميته :

   يتفق معظم السيکولوجيين على أن التخيل يمثل جزءاً هاماً من حياة الطفل العقلية فى السنوات الأولى من حياته . وأن التخيل فى هذه المرحلة من مراحل النمو العقلى يکون من النوع الإيهامى (فاروق جبريل وآخرون ، 2003) . وأنه بسبب ذاتية التفکير عند الطفل فى هذه المرحلة ، فإن الطفـل لا يستطيع التمييز بين الواقع والوهم ، وقد يخلط بين الخيال الذى يعبر عن ذاته والواقع الذى يحيط به (سيد صبحى ، 1978) .

   وعندما يلتحق الطفل بالمدرسة الابتدائية ، تأخذ تخيلاته اتجاهاً جديداً فى النمو ، فبعد أن کانت من النوع الإيهامى ، فإنه نتيجة للنضج العقلى ، يصبح تخيل الطفل ترکيبياً ، وتصبح قدرته الخيالية فى هذه المرحلة يمکن التحکم فيها وتوجيهها وجهة معينة عن طريق الأنشطة الفنية ، وبذلک يتجه خيال الطفل نحو الواقعية ، وتصبح نشاطاته الفنية مليئة بالتفاصيل وأکثر مطابقة للواقع (مصطفى فهمى ، د.ت) .

   والطفل بصفة عامة يميل إلى فحص کل ما يحيط به ويمارس أنشطته الخيالية المنطلقة بدون حدود ، فهو لا يرتبط بالواقع ارتباطنا نحن الکبار . وأنه بسبب هذه الطبيعة عند الطفل ، فإن لديه القدرة على تنمية الصور الخيالية دون تناقص ، حتى أن ما يستمده من الواقع يصير جزءاً من خيالاته (عبلة حنفى ، 1979) .

   ويرى بياجيه وإنهيلور (Piaget & Inhelder, 1956) أن الطفل فى بداية حياته يکون غير قادر على تخيل الأشياء کما يراها ويترکها دون تغيير . ولکنه بعد أن يکون نظاماً من العمليات العقلية يصبح قادراً على أن يکون تخيلاً عقلياً مناظراً لادراکاته . ولذا ، ميز بياجيه (Piaget, 1970) بين نوعين من التخيلات فى إنتاجات الطفل ، فهناک تخيلات تظهر عندما يتخيل الطفل الحادثة أو شيئاً ما بحيث تکون معروفة لديه من قبل ، ولکنها لا تقع فى مجال إدراکه وقت التخيل ، کما أن هناک تخيلات توقعية ، تظهر عندما يتخيل الطفل النتيجة لمرکب جديد .

   ولذا ، تعرف عملية التخيل بأنها تصور المثير بالعقل فى غياب المثير الأصلى ، حيث فى بعض الحالات يتم الإدراک دون الاعتماد على الصور الحقيقية التى تستقبلها الحواس فى الحال ، ولکن يعتمد الإدراک على الصور الحسية التى تم تخزينها فى الذاکرة ، وهذه الصور يتم ترميزها قبل تخزينها وهنا يکون الإدراک قائم على استرجاع الصور من الذاکرة (شاکر عبدالحميد سليمان ، 2009) .

   وترتبط عمليات الترميز والتخزين والاسترجاع بما يسمى إستراتيجيات التشفير ، والتى يمکن اعتبارها المعينات التى يستخدمها الفرد لزيادة کفاءة التخزين والاسترجاع . ويعرفها أشمان وکونوى(Ashman & Conway, 2003)  على أنها العمليات التى يوظفها الفرد لتعينه على اکتساب وتخزين واستدعاء وتنظيم المعلومات وإحداث التکامل بينها وبين المعلومات السابقة والموجودة فعلاً فى الذاکرة بغرض تيسير الاستخدام اللاحق لها . ويعرفها سشنک (Schunk, 2003) بأنها مخططات منظمة يستخدمها المتعلم بغرض مساعدتهم على متطلبات معالجة المعلومات التى تتضمنها مهام التعلم البسيطة أو المعقدة ، بما يسمح للمتعلمين إتقان مهمة التعلم .

   ويتفق السيکولوجيون على أن الفرد يستخدم مجموعة متنوعة من الإستراتيجيات فى عملية تشفير المعلومات ، وأن هذه الإستراتيجيات تختلف فى مدى فاعليتها فى معالجة المعلومات وفقاً لخصائص کل من المتعلم والموقف والمعلومات . وأن من بين هذه الإستراتيجيات إستراتيجية التخيل Imagination Strategy .

   وينظر البعض إلى إستراتيجية التخيل على أنها نشاط نفسى تحدث خلاله عمليات ترکيب ودمج بين مکونات الذاکرة والإدراک وبين الصور العقلية التى تشکلت من قبل من خلال الخبرات الماضية ، وتکون نواتج ذلک تکوينات جديدة وأشکال عقلية جديدة (مصرى حنورة ، 1997) أو أنها إعادة تشکيل الادراکات السابقة من خلال إيجاد صور أو أفکار جديدة لها ، فالفرد لا يستعيد الصور أو الأفکار أو المدرکات کما هى وإنما ينشئها إنشاءً جديداً يتسم بإمکانية التحقيق (فرج عبدالقادر طه وآخرون ، 1993) . والتخيل على هذا النحو يعنى إطلاق العنان للأفکار دون النظر للارتباطات المنطقية أو الواقعية أو الالتزامات وهى أعلى مستويات التفکير الابتکارى (ممدوح عبدالمنعم الکنانى ، 2010) . ولذا ، فهو عملية عقلية عليا تعتمد على التذکر فى استرجاع الخبرات السابقة  ثم تنظيمها لتؤلف منها أشکالاً وصوراً جديدة تصل الفرد بماضيه وتمتد به إلى حاضرة وتتطلع به إلى المستقبل مکونه بذلک دعائم قوية للتفکير الابتکارى والتکيف مع البيئة (إسحق نصر زخارى فلاح ، 2011) . وإستراتيجية التخيل الموجودة فى عملية التذکر تؤدى إلى إنتاج صور عقلية مبتکرة .

   ويشير إسحق نصر زخارى فلاح (2011) إلى أن الدراسات التى دارت حول عملية التذکر لمحتوى يعتمد على الصور الخيالية تؤکد على أن عملية التذکر تکون أفضل مقارنة بالموضوعات العادية ، وأن الأفراد ذوى القدرة العالية على التخيل کانوا أفضل فى عملية التذکر من قرنائهم ذوى التخيل المنخفض . وتشير عفاف أحمد عويس (1992) وغادة أحمد ناجى (1994) وشاکر عبدالحميد سليمان (1998) إلى أنه يمکن تنمية عملية التخيل من خلال التحرر من التفکير المقيد وإکساب الأفراد طرائق التخيل واستخدام اللعب التخيلى . ويضيف عصام على الطيب (2007) أن استخدام أساليب التدريس والتقنيات التى تعمل على استثارة التخيل ، وکذا تدريب التلاميذ على کيفية التعبير عن رؤيتهم لأحداث الحياة وتفسيرها بصورة خيالية يمکن أن يؤدى إلى تنمية عملية التخيل لديهم .

   وهناک العيد من الدراسات التى دارت حول مدى إمکانية تنمية التخيل لدى الأفراد ، وحول دور استخدام إستراتيجية التخيل فى القدرة على التذکر والتفکير . ومن هذه الدراسات نجد دراسة شيلتون (Shelton, 1985) والتى هدفت إلى التعرف على مدى تأثير القصص الخيالية فى إثارة وتنمية التخيل لدى طلاب المرحلة الثانوية ، وقد أسفرت النتائج عن إيجابية إثارة التخيل لدى الطلاب والتى ظهرت فى التفاصيل والمخيلة الابتکارية التى استرجع بها الطالب أحداث القصة. ودراسة مصرى عبدالحميد حنورة ونادية سالم (1990) والتى هدفت إلى التعرف على طبيعة العلاقة بين کل من التخيل والإبداع والذکاء لدى أطفال المدرسة الابتدائية ومسار نمو الخيال لدى الأعمار الزمنية المختلفة ( 6 ، 8 ، 11 سنة) ، وقد توصلت نتائج الدراسة إلى أن هناک علاقة ارتباطية دالة بين الخيال وکل من الذکاء والابتکار ، وأن الخيال ينمو لدى الأطفال . ودراسة سولفبرج ومارجريث (Solvberg & Margrtethe, 1995) والتى هدفت إلى التعرف على مدى تأثير إستراتيجية التخيل فى التذکر والتفکير ، وقد أظهرت نتائج الدراسة أن عملية التذکر والتفکير لدى المجموعة التجريبية التى استخدمت إستراتيجية التخيل فى عملية التشفير وتخزين المعلومات کانت أفضل وعلى نحو دال بالمقارنة بالمجموعة الضابطة . ودراسة کارنى وليفن (Carney & Levin, 2000) والتى هدفت إلى المقارنة بين أثر إستراتيجية الکلمة المفتاحية وإستراتيجية التخيل فى التأثير على التذکر والتفکير ، وقد أشارت النتائج إلى تفوق کل من المجموعة التى استخدمت الکلمة المفتاحية والمجموعة التى استخدمت إستراتيجية التخيل على المجموعة الضابطة فى عملية التذکر والتفکير ، وأنه لا توجد فروق دالة بين المجموعتين التجريبيتين من حيث عملية التذکر والتفکير .

التفکير الابتکارى عند الطفل وعلاقته بالتخيل :

   تشير سناء محمد نصر حجازى (2008) إلى أن الدراسات حول طبيعة النشاط الخيالى فى منظومة النشاط العقلى قد برهنت على أن الخيال من أهم العناصر الفعالة فى هذه المنظومة . حيث عندما يتفاعل هذا العنصر مع الذکاء فإنه ينتج عنه عمل إبتکارى منفتح على الخبرة ومحلق فى الآفاق المفتوحة البعيدة وغير التقليدية .

   ولعل هذا هو الذى أدى بکثير من السيکولوجين إلى القول بأن التفکير الابتکارى يعتمد بدرجة کبيرة على استخدام التخيل لتطوير ما هو موجود ، وأن التخيل يعتبر أحد المکونات الرئيسة للسلوک الابتکارى . فالفرد عندما يواجه مواقف الابتکار فإنه يتحرر من الواقع ويکون لنفسه واقعاً جديداً ، وهذا الواقع الجديد هو الواقع الابتکارى المستمد من عملية التخيل .

   وقد أشار بياجيه وإنهيلدر (Piaget & Inhelder, 1956) إلى أن الطفل فى بداية حياته يکون غير قادر على تخيل الأشياء کما يراها ويترکها دون تغيير ، ولکنه بعد أن يکون نظاماً من العمليات العقلية يصبح قادراً على أن يکون تخيلاً عقلياً مناظراً لإدراکاته . ومما يؤکد أهمية التخيل کنظام للإدراک والتفکير ما أکده برونر واليفر وجرينفيلد (Bruner & Olver & Greenfield, 1966) من أن التخيل يمثل المرحلة الأولى للتفکير ، وأن التفکير سواء أکان لفظياً أم مکانياً يتطلب اللغة کشىء أساسى . ولعل هذا ، قد يفسر لماذا اهتمت جميع تعريفات التخيل بتأکيد العلاقة بين التخيل والتفکير .

   ويحدد أريتى (Arieti, 1976) دور التخيل فى عمليات التفکير الابتکارى ، فى بعدين ، الأول : أن التخيل يحرر المفحوص من مطابقة الواقع ومن ثم يتيح له الفرصة أن يبتکر ، والثانى : أن التخيل يساعد المفحوص على تحديد المفاهيم، ومن ثم يتيح الفرصة لکل فرد أن يعبر عن نفسه تعبيراً جيداً . وليس هذا فحسب، بل إن قدرة الفرد على الإنتاج للتخيلات ساعده على ان يعدل ويحور مدرکاته ، کما تساعده على التحرر من الشکليات المطابقة للواقع ، وهى بهذا تتيح الفرصة لأن يقدم الفرد شيئاً جديداً ، وهو ما يمثل احد عناصر الابتکارية .

   ويؤکد دوريو (Durio, 1975) على أن استخدام القدرة على التخيل تساعد على إعطاء تحديد تفصيلى لجميع عناصر الموقف ، وأن الاستبصارات التى يقوم بها الفرد أثناء عملية التخيل هى التى تقوده إلى الأفکار الابتکارية . ويؤکد فاروق جبريل وآخرين (2003) أنه من خلال استقراء العديد من الدراسات التى دارت حول استخدام التخيل فى عملية التفکير أن هناک اتفاقاً على أن الابتکار لا يأتى من فراغ وإنما يحدث نتيجة الرؤية الجديدة للأشياء والمستمدة من عمليات التخيل والنظر إلى داخل الأشياء ورؤيتها من جوانب متعددة ن وأن القدرة علـى التخيل وإعطاء المنظورات البصرية من الصفات الأساسية للشخص المبتکر .

   وباستقراء الدراسات التى عرضها فاروق جبريل وآخرين (2003) والتى عرضها ممدوح الکنانى (2010) والتى دارت حول التخيل والتفکير الابتکارى يمکن للباحثة أن تتوصل إلى النتائج التالية :

-  أن القدرة على التخيل يمکن تنميتها . وأن الأفراد الذين اشترکوا فى برامج للتدريب على التخيل کان إنجازهم أفضل على اختبارات التفکير الابتکارى وقدراته الفرعية (الطلاقة والمرونة والأصالة) مقارنة بدرجات الأفراد الذين لم يشترکوا فى جلسات التدريب .

-  أنه لا توجد فروق فى القدرة التخيلية تعزى إلى الجنس .

-  أن هناک علاقة بين التخيل والتفکير الابتکارى لدى الأطفال . وأن التخيل أرتبط بدلالة مع الأصالة فى حالة التفکير الابتکارى اللفظى ، بينما کانت العلاقة غير دالة بين التخيل والطلاقة اللفظية .

-  أن هناک علاقة بين التخيل وحب الاستطلاع والتفکير الابتکارى . وأن هناک علاقة بين التخيل والقدرة على المرونة . وأن الفروق فى التفکير الابتکارى (الدرجة الکلية) وأبعاده (الطلاقة والمرونة والأصالة) تعزى إلى الفروق فى القدرة التخيلية .

-  أن معظم الدراسات التى دارت حول التخيل والتفکير الابتکارى کان الهدف منها هو بحث العلاقات مع التفکير الابتکارى وقدراته الفرعية وأن هناک ندرة فى الدراسات التى سعت للبحث عن أثر تنمية القدرة التخيلية على التفکير الابتکارى. هذا بالإضافة إلى انعدام مثل هذه الدراسات فى البيئة السعودية .

-  هناک من ينظر إلى التفکير الابتکارى على أنه عملية ذهنية يتم فيها توليد الأفکار اعتماداً على البناء المعرفى الموجود لدى الفرد ، کما أنه يمثل القدرة على تکوين أفکار جديدة باستخدام عمليات ذهنية أهمها التصور والتخيل . وأن التفکير الابتکارى لدى التلاميذ يمکن أن يتحسن باستخدامهم لعدد من الإستراتيجيات من بينها إستراتيجية التخيل .

   وفى ضوء ما سبق ، فإن الدراسة الحالية تسعى للتعرف على مدى فاعلية برنامج مبنى على إستراتيجيات تنمية التخيل وأثره على التفکير الابتکارى لدى تلاميذ مرحلة التعليم الابتدائى بمدينة مکة المکرمة بالمملکة العربية السعودية .

مصطلحات الدراسة :

إستراتيجية التخيل :

   نشاط نفسى يعتمد على مجموعة من العمليات العقلية العليا يحدث من خلالها عمليات ترکيب ودمج بين مکونات الذاکرة والإدراک وبين الصور العقلية التى تشکلت من قبل من خلال الخبرات الماضية ثم تنظيمها لتؤلف منها أشکالاً وصوراً جديدة تصل الفرد بماضية وتمتد به إلى حاضرة وتتطلع به إلى المستقبل وإنتاج صوراً جديدة من خلال المثيرات المعروضة . وهذا التنوع من النشاط يعبر عن قدرة الفرد على تخيل ظاهرة ما .

التفکير الابتکارى :

   يصف تورانس (Torrance, 1976) التفکير الابتکارى بأنه عملية الإحساس بالمشکلات والثغرات ونواحى النقص فى المعرفة واکتشاف العناصر المفقودة ونواحى الاختلاف فيها ووضع التخمينات وفرض الفروض الخاصة واختبارها وربما تعديل هذه الفروض وإعادة اختبارها ثم توصيل النتائج . وأن هذا النوع من التفکير يتضمن مجموعة من القدرات والمؤشرات منها : الطلاقة والمرونة والأصالة والتفصيلات والتعبيرية والفکاهة والحرکة والفعل والمنظورات البصرية . وفى الدراسة الحالية يقتصر قياس التفکير الابتکارى من خلال قياس کل من : الطلاقة والمرونة والأصالة والمنظورات البصرية وفى ضوء معايير تورانس لتصحيح اختبارات التفکير الابتکارى .

-    الطلاقة Fluency : وهى قدرة الفرد على إنتاج أکبر عدد من الاستجابات المناسبة فى فترة زمنية معينة إزاء مثير معين (Torrance, 1974) .

-    المرونة Flexibility : وهى قدرة الفرد على التفکير فى فئات مختلفة من الاستجابات (Torrance, 1974) .

-    الأصالة Originality : ويرى تورانس (Torrance, 1979) أن الفکرة الأصيلة من الناحية الإحصائية هى الفکرة الأقل تکراراً .

- المنظور البصرى غير العادى Unusual Visual Perspective : ويعرف تورانس (Torrance, 1979) المنظور البصرى غير العادى على أنه المنظور البصرى الذى يختلف عن المنظور الساکن Static ، أو العمودى Upright أو الصريح Straight on أو المنظور الشائع لدى الغالبية من الأفراد .

- المنظور البصرى الدينامى (لداخلى) Internal Visual Perspective : ويعرف تورانس (Torrance, 1979) المنظور البصرى الدينامى بأنه القدرة على تعميق النظر عبر سطح الأشياء ودفع الانتباه إلى ما هو داخلى والبحث فى ديناميکية عمل الأشياء والآلات والناس والحيوانات .

فروض الدراسة :

   فى ضوء الإطار النظرى والدراسات السابقة التى دارت حول التخيل والقدرة على التفکير الابتکارى ، يمکن للباحثة أن تصيغ فروض الدراسة على النحو التالى :

1 -يوجد معامل ارتباط دال إحصائياً بين درجات التخيل ودرجات التفکير الابتکارى (الطلاقة ، المرونة ، الأصالة ، والمنظور البصرى غير العادى، والمنظور البصرى الدينامى ، والدرجة الکلية) .

2  -لا توجد فروق دالة إحصائياً بين المجموعة الضابطة والمجموعة التجريبية فى درجات القياس القبلى من حيث التخيل والتفکير الابتکـارى (الأبعاد والدرجة الکلية ) .

3  -توجد فروق دالة إحصائياً بين المجموعة الضابطة والمجموعة التجريبية فى درجات القياس البعدى من حيث التخيل والتفکير الابتکارى (الأبعاد والدرجة الکلية) .

4  -لا توجد فروق دالة إحصائياً بين متوسط درجات القياسين القبلى والبعدى للمجموعة الضابطة من حيث التخيل والتفکير الابتکارى (الأبعاد والدرجة الکلية) .

5  -توجد فروق دالة إحصائياً بين متوسط درجات القياسين القبلى والبعدى للمجموعة التجريبية من حيث التخيل والتفکير الابتکارى (الأبعاد والدرجة الکلية) .

منهج الدراسة وإجراءاتها :

   اتبعت الدراسة المنهج شبه التجريبى ذا التصميم لمجموعتين (الضابطة والتجريبية) بالقياس القبل والبعدى ، وذلک لملاءمته لطبيعة هذه الدراسة .

عينة الدراسة :

   تم اختيار عينة الدراسة من بين تلميذات مدرسة (130) بمدينة مکة المکرمة . من بينهم (33) تلميذة لعينة تقنين أدوات الدراسة ، و(92) تلميذة لعينة الدراسة الأساسية ؛ وقسمت الأخيرة إلى مجموعتين : الأولى تجريبية واشتملت على (45) تلميذة والثانية ضابطة واشتملت على (47) تلميذة . وکان العمر الزمنى لتلميذات عينة الدراسة يتراوح بين (11.5 و 12 سنة) .

أدوات الدراسة :

1-مقياس إستراتيجية التخيل :

   يهدف المقياس إلى قياس القدرة على استخدام إستراتيجية التخيل التى تمکن من القدرة على تخيل حدث معين أو ظاهرة معينة .

   وقد تم بناء المقياس بعد الإطلاع على الأطر النظرية والدراسات ذات الصلة بإستراتيجية التخيل بهدف التعرف على مفهومها والعوامل المکونة لها والمؤثرة فيها ، والمرتبطة بها . وتم اقتراح بعض البنود الخاصة بالمقياس وتم مناقشتها مع بعض أعضاء هيئة التدريس المتخصصين فى علم النفس . وفى ضوء هذه المناقشات أصبح المقياس يتکون من ستة أجزاء (*) :

الأول : يطلب فيه تخيل استخدامات أخرى لأشياء مألوفة .

الثانى : يطلب فيه استخدام التخيل فى کتابة قصة .

الثالث :  يطلب فيه إکمال بعض الخطوط واستخدامها لتکون قصة .

الرابع : يقدم إلى مستخدم المقياس صورتين ويطلب منهم تخيل ما يحدث فيهما .

الخامس : يطلب فيه تخيل شکل الشارع الذى نسکن فيه بعد مرور 10 سنوات .

السادس : يطلب فيه تخيل ماذا سنفعل إذا طلب منا مقابلة خادم الحرمين الشريفين.

   وبعرض المقياس فى صورته النهائية على السادة المحکمين من السابق مناقشتهم وافقوا جميعاً على المقياس فى صورته الحالية . وبذلک إطمأنت الباحثة على صدق ما يقيسه المقياس.

   ولحساب الثبات قامت الباحثة بإعادة تطبيق المقياس على عينة التقنين بفاصل زمنى قدره أسبوعان ، ووجد أن معامل الارتباط بين درجات التطبيقين هو (0.96) وهو معامل مرتفع ودال إحصائياً عند مستوى (0.01) .

2-اختبار تورانس للتفکير الابتکارى :

استخدمت الباحثة اختبار تورانس للتفکير الابتکارى باستخدام الصــور

الصورة (ب) ، من إعداد فؤاد أبوحطب وعبدالله سليمان (1971) . وذلک لمناسبته للاستخدام وتحرره من التحيز وقدرته على إظهار أنواع کثيرة من قدرات ومؤشرات التفکير الابتکارى وذلک لقدرته على استثارة من يطبق عليه وقد اقتصرت الباحثة على تطبيق الجزء الثانى (تکملة الخطوط) والجزء الثالث (استخدام الدوائر) .

ورغم أن الاختبار يتمتع بالصدق والثبات فى البيئة العربية فى کثير من الدراسات ، قامت الباحثة بحساب الصدق عن طريق حساب الارتباط بين الدرجات على الصورة (أ) والدرجات على الصورة (ب) وکان معالم الارتباط (0.896) على نفس عينة التقنين ، وهو دال إحصائياً عند مستوى (0.01). کما قامت بحساب معامل الثبات بطريقة الإعادة بفاصل زمنى قدرة أسبوعان على نفس عينة التقنين وکان معامل الثبات (0.931) وهو معامل مرتفع ودال إحصائياً عند مستوى (0.01) .

3-إعداد البرنامج :

-  قامت الباحثة بمراجعة الإطار النظرى والدراسات السابقة التى اهتمت بالتدريب على استخدام إستراتيجية التخيل ، بهدف التعرف على کيفية تنميتها لدى التلميذات .

-  حرصت الباحثة على أن يکون محتوى البرنامج متنوعاً ومناسباً لمستوى التلميذات وأن تکون الأنشطة التعليمية به جاذبه ومثيرة للتفکير .

-  أحتوى البرنامج (*) على عدد (17) جلسة مدة الجلسة الواحدة (45) دقيقة . واستغرق تنفيذ البرنامج شهرين تقريباً بواقع جلستين کل أسبوع . وکان الهدف من الجلسة الأولى هو التعرف على التلميذات وإعطاء فکرة عن البرنامج وقواعد المشارکة فيه . والجلسة الثانية هدفت إلى تعريف التلميذات معنى الإستراتيجية ومعنى التخيل وأهدافه . والجلسات من الثالثة وحتى الأخيرة کان الهدف منها هو تنمية إستراتيجية التخيل .

-  وقد استخدمت الباحثة التقويم التکوينى من خلال أسلوب الملاحظة المنظمة للتلميذات أثناء تنفيذ النشاط وبعده ثم التقويم النهائى من خلال استخدام مقياس إستراتيجية التخيل وذلک بهدف الحکم على مدى مساهمة أنشطة البرنامج فى تنمية القدرة على التخيل ، وبالتالى تنمية القدرة على التفکير الابتکارى .

نتائج الدراسة وتفسيرها :

   من خلال تحليل البيانات التى تم جمعها ، توصلت الباحثة إلى النتائج التالية :

1 -عدم وجود فروق بين متوسطات الدرجات على مقياس التخيل واختبار التفکير الابتکارى المصور فى القياس القبلى للمجموعة الضابطة والمجموعة التجريبية والجدول (1) يوضح هذه النتائج .

جدول (1)

فروق المتوسطات بين درجات القياس القبلى للمجموعة الضابطة والمجموعة التجريبية على مقياس التخيل واختبار التفکير الابتکارى المصور

المجموعة

المتغيرات

الضابطة

(ن = 47)

التجريبية

(ن = 45)

قيمة ت

مستوى الدلالة

م

ع

م

ع

التخيل

12.40

5.81

11.96

6.11

0.3534

غير دال

التفکير الابتکارى

الطلاقة

18.60

4.86

19.01

4.92

0.3417

غير دال

المرونة

9.40

4.21

9.60

3.67

0.2431

غير دال

الأصالة

7.02

5.45

6.95

5.63

0.0606

غير دال

المنظور البصرى غير العادى

6.37

4.12

6.51

4.43

0.1568

غير دال

المنظور البصرى الدينامى

5.41

2.98

5.08

3.01

0.5286

غير دال

الدرجة الکلية

59.20

5.11

59.11

4.92

0.0861

غير دال

2  -  وجود معامل ارتباط دالة إحصائياً عند مستوى 0.01 بين الدرجات على مقياس التخيل والدرجات على اختبار التفکير الابتکارى المصور والجدول (2) يوضح هذه النتائج

جدول (2)

معاملات الارتباط بين الدرجات على مقياس التخيل والدرجات على اختبار التفکير الابتکارى المصور (ن = 92)

المتغيرات

قيمة الارتباط

مستوى الدلالة

التخيل / الطلاقة

0.892

0.01

التخيل / المرونة

0.785

0.01

التخيل / الأصالة

0.697

0.01

التخيل / المنظور البصرى غير العادى

0.864

0.01

التخيل / المنظور البصرى الدينامى

0.913

0.01

التخيل / الدرجة الکلية

0.819

0.01

3 -وجود فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى 0.01 بين متوسطات الدرجات على مقياس التخيل واختبار التفکير الابتکارى المصور فى القياس البعدى للمجموعة الضابطة والمجموعة التجريبية . وأن هذه الفروق لصالح المجموعة التجريبية . والجدول (3) يوضح هذه النتائج .

جدول (3)

فروق المتوسطات بين درجات القياس البعدى للمجموعة الضابطة والمجموعة التجريبية على مقياس التخيل واختبار التفکير الابتکارى المصور

المجموعة

المتغيرات

الضابطة

(ن = 47)

التجريبية

(ن = 45)

قيمة ت

مستوى الدلالة

م

ع

م

ع

التخيل

13.01

3.24

26.46

5.17

14.8767

0.01

التفکير الابتکارى

الطلاقة

18.95

4.11

31.49

6.08

11.5395

0.01

المرونة

10.05

2.92

15.13

3.34

7.7534

0.01

الأصالة

6.98

1.83

13.11

4.51

8.4738

0.01

المنظور البصرى غير العادى

7.71

2.46

16.85

3.93

13.5147

0.01

المنظور البصرى الدينامى

6.18

1.67

19.32

2.85

27.2727

0.01

الدرجة الکلية

62.88

2.96

122.36

3.17

92.9230

0.01

4-لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات الدرجات على مقياس التخيل واختبار التفکير الابتکارى المصور فى القياس القبلى والقياس البعدى للمجموعة الضابطة ، باستثناء الدرجة الکلية للتفکير الابتکارى المصور فوجدت فروق دالة عند مستوى دلالة إحصائية 0.01 . وأن هذه الفروق لصالح القياس البعدى . والجدول (4) يوضح هذه النتائج .

جدول (4)

فروق المتوسطات بين الدرجات على مقياس التخيل واختبار التفکير الابتکارى المصور فى القياسين القبلى والبعدى للمجموعة الضابطة ( ن = 47)

القياس

المتغيرات

القياس القبلى

القياس البعدى

قيمة ت

مستوى الدلالة

م

ع

م

ع

التخيل

12.4

5.81

13.01

3.24

0.628

غير دال

التفکير الابتکارى

الطلاقة

18.6

4.86

18.95

4.11

0.3771

غير دال

المرونة

9.4

4.21

10.05

2.92

0.8697

غير دال

الأصالة

7.02

5.45

6.98

1.83

0.0477

غير دال

المنظور البصرى غير العادى

6.37

4.12

7.71

2.46

1.9146

غير دال

المنظور البصرى الدينامى

5.41

2.98

6.18

1.67

1.5456

غير دال

الدرجة الکلية

5.92

5.11

62.88

2.96

4.2726

0.01

5  -  توجد فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى دلالة 0.01 بين متوسطات الدرجات على مقياس التخيل واختبار التفکير الابتکارى المصور فى القياس القبلى والقياس البعدى للمجموعة التجريبية ، وأن هذه الفروق لصالح القياس البعدى . والجدول (5) يوضح هذه النتائج .

جدول (5)

فروق المتوسطات بين الدرجات على مقياس التخيل واختبار التفکير الابتکارى المصور فى القياسين القبلى والبعدى للمجموعة التجريبية ( ن = 45)

المجموعة

المتغيرات

القياس القبلى

القياس البعدى

قيمة ت

مستوى الدلالة

م

ع

م

ع

التخيل

11.96

6.11

26.46

5.17

12.1532

0.01

التفکير الابتکارى

الطلاقة

19.01

4.92

31.49

6.08

10.7042

0.01

المرونة

9.6

3.67

15.31

3.34

7.4760

0.01

الأصالة

6.95

5.63

13.11

4.51

5.7281

0.01

المنظور البصرى غير العادى

6.51

4.43

16.85

3.93

11.7127

0.01

المنظور البصرى الدينامى

5.08

3.01

19.32

2.85

23.0458

0.01

الدرجة الکلية

59.11

4.92

122.36

3.17

72.4928

0.01

   ويمکن أن تفسر العلاقة بين التخيل والتفکير الابتکارى فى ضوء أن التخيل يسمح للفرد بتعميق النظر عبر سطح الأشياء ، ودفع الانتباه إلى ما هو داخلى والبحث فى ديناميکية عمل الأشياء والآلات والحيوانات والناس . وقد أشار فاروق جبريل وآخرون (2003) إلى أن الدراسات السابقة التى دارت حول العلاقة بين التخيل والمنظورات البصرية والقدرة على التفکير الابتکارى تؤکد على أن هناک اتفاقاً – تؤيده وجهات نظر عديدة – على أن التفکير الابتکارى لا يأتى من فراغ ، وإنما يحدث نتيجة عمليات التصور والرؤيـة الجديـدة للأشياء باستخدام إستراتيجيات التخيل .

   ويمکن أن نفسر الفروق فى الدرجة الکلية للتفکير الابتکارى فى القياس البعدى للمجموعة الضابطة ، وکذا ارتفاع مستوى القياس البعدى فى ضوء أن قدرات التخيل وقدرات التفکير الابتکارى قدرات نمائية ، وأن عملية النمو لها تتأثر بالنمو العقلى والظروف البيئية المحيطة بالفرد .

   ويمکن أن تفسر الفروق بين المجموعة الضابطة والمجموعة التجريبية ، وکذلک الفروق بين القياس القبلى والبعدى للمجموعة التجريبية فى ضوء :

-  اشتراک أعضاء المجموعة التجريبية فى برنامج تنمية التخيل ، والذى أدى بدوره إلى تنمية إستراتيجية التخيل لدى التلميذات . ولما کانت هناک علاقة بين التخيل والقدرة على التصور والقدرة على التفکير الابتکارى ، فقد ترتب على ذلک ارتفاع مستوى أداء التلميذات على مقياس التخيل واختبار التفکير الابتکارى.

-  أن إستراتيجية التخيل لها کفاءة عالية فى الاستدعاء والتذکر (Solvberg & Margrethe, 1995) . کما أنها تساعد على عمليات التصور البصرى وربط المعرفة الجديدة بما هو قديم والقدرة على عمل روابط داخلية وخارجية جديدة (مصرى عبدالحميد حنورة ، 1990 ؛ Winn & Sutherland, 1989 ؛ Carney & Levin, 2000)

-  أن إستراتيجية التخيل والتى بنى عليها البرنامج تسمح بتکوين صور ذهنية للمعلومات موضوع المعالجة حتى ولو لم يکن لها وجود فيزيائى . وأن هذه الإستراتيجية تکون أکثر تأثيراً على الأداء فى حالة المعلومات التى لها قابلية أکبر للتخيل مثل الأنشطة التى تضمنها البرنامج المستخدم فى الدراسة الحالية، حيث سمحت هذه الأنشطة للمشارکين بإعطاء تصورات عن بعض الأشياء والأشخاص واستحضار صور ذهنية لها ، حتى وإن کانت هذه الصور غير منطقية أو غريبة. وقد أدى ذلک إلى ارتفاع مستوى أداء التلميذات على اختبار التفکير الابتکارى المصور ومقياس التخيل . ومن ثم يمکن القول بأن البرنامج المستخدم فى الدراسة الحالية يمکن الاعتماد عليه فى تنمية التفکير الابتکارى



(*)  ملحق (1) صورة مقياس التخيل .

(*)  ملحق (2) محتوى برنامج تنمية إستراتيجية التخيل .

المراجع :
1  -إسحق نصر زخارى (2011) :  فاعلية برنامج مبنى على إستراتيجيات تشفير المعلومات فى تحصيل الرياضيات لدى عينة من تلاميذ المدرسة الابتدائية ذوى صعوبات التعلم ، رسالة دکتوراه غير منشورة ، کلية التربية ، جامعة حلوان .
2  -سناء محمد نصر حجازى (2008) :  سيکولوجية الإبداع ، تعريفه وتنميته وقياسه لدى الأطفال ، (ط2) ، القاهرة ، دار الفکر العربى .
3  -سيد صبحى (1978) :  الابتکار فى رسوم الأطفال وعلاقته بالمستوى الثقافى للوالدين ، صحيفة التربية ، أکتوبر ، 47 – 58 .
4  -شاکر عبدالحميد ، وعبداللطيف خليفة (2000) :  دراسات فى حب الاستطلاع والإبداع والخيال ، القاهرة ، دار غريب للطباعة والنشر .
5  -شاکر عبدالحميد سليمان (1998) :  الخيال وحب الاستطلاع والإبداع فى المرحلة الابتدائية ، مجلة علم النفس ، العدد (47) ، الجمعية المصرية العامة للکتاب ، القاهرة .
6  -------------- (2009) :  الخيال من الکهف إلى الواقع الافتراضى ، عالم المعرفة .
7  -عبلة حفنى عثمان (1979) :  التربية الخلاقة للأطفال ، ندوة رعاية الطفل ، کلية التربية ، جامعة عين شمس ، 3 – 7 مارس .
8  -عصام على الطيب (2007) :  کتاب علم النفس المعرفى " الذاکرة وإستراتيجيات تشفير المعلومات " ، القاهرة ، عالم الکتب .
9  -عفاف أحمد عويس (1992) :  الطفل المبدع دراسة تجريبية باستخدام الدراما الإبداعية ، القاهرة ، مکتبة الزهراء .
10 -غادة أحمد ناجى (1994) :  اللعب التخيلى او التوهمى لدى الأطفال فيما بين الثالثة والسابعة من العمر ، رسالة ماجستير غير منشورة ، معهد الدراسات العليا للطفولة ، جامعة عين شمس .
11 -فؤاد أبوحطب وعبدالله سليمان (1971) :  اختبار التفکير الابتکارى باستخدام الصور " الصورة (ب) " ، القاهرة ، الانجلو المصرية .
12 ------------------- (1971) :  اختبار التفکير الابتکارى باستخدام الصور " الصورة (أ) " ، القاهرة ، الانجلو المصرية .
13 -فؤاد البهى السيد (1974) :  الأسس النفسية للنمو من الطفولة إلى الشيخوخة ، القاهرة ، دار الفکر العربى .
 14 -فاروق السعيد جبريل ، ومصطفى السعيد جبريل ، إبراهيم إبراهيم أحمد (2003) : المدخل إلى علم النفس ، المنصورة ، عامر للطباعة والنشر.
15 -فرج عبدالقادر طه وآخرين (1993) موسوعة علم النفس والتحليل النفسى ، الکويت ، دار سعاد الصباح .
16 -مصرى عبدالحميد حنورة (1990) :  الأسس النفسية للإبداع الفنى فى المسرحية (ط2) ، القاهرة ، دار المعارف .
17 ---------------- (1997) :  الإبداع من منظور تکاملى (ط2) ، القاهرة، الأنجلو المصرية .
18 -مصرى عبدالحميد حنورة ، ونادية سالم (1990) : نمو الإبداع عند الأطفال وعلاقته بالتعرض لتأثير وسائل الاتصال ، المرکز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية ، القاهرة .
19 -مصطفى فهمى (د. ت) :  فى علم النفس ، القاهرة ، دار الثقافة .
20 - ممدوح عبدالمنعم الکنانى (2010) :  سيکولوجية الطفل المبدع ، الأردن، دار المسيرة للنشر والتوزيع .
21- Arieti, S. (1976): Creativity: the Magic Synthesis. New York: Basic Books.
22- Ashman, a. & Conway, R. (2003): Using Cognitive Methods in the Classroom. New York: Routledge.
23- Bruner, J.S.; Oliver, R. R. & Greenfield, B. M. (1966): Studies in Cognitive Growth. New York: Wiley.
24- Carney, R. & Levin, J. (2000): Fading Mnemonic Memories: Here's Looking a New Again. Contemporary Educational Psychology, 25, 40.
25- Durio, H.F. (1975):  Mental Imagery and Creativity. Journal of Creative Behavior, 9, 233-244.
26- Piaget, J. & Inhelder, B. (1956):  The Child's conception of space (F.J. Langdone & J. L. Lunzer, trans.). London: Routledge and Kegan Paul.
27- Piaget, J. (1970): Piaget Theory. In: P.H. Mussen (Ed.) Carmichaels Manual Child Psychology (Vol.,1, 3rd ed.). New York: Wiley.
28- Schunk, D. (2003): Self-Efficacy Perspective on Achievement Behavior: a Paper Presented at the Annual Convention of the American Psychological Association (90th Washington, DC. August 23-27).
29- Shelton, W. (1985): rainbow riding, art education, London, Vol., 34, No. 1, p. 30.
30- Solvberg, & Margrethe, A.V. (1995): Effects of Mnemonic-Imagery Strategy on Students Prose recall, Journal of Education research, Vol., 39, p. 2.
31- Torrance, E.P. & Ball, O.E. (1980):  Stremlined Scoring and Interpretation Guide and Norms Manual for Figural form A, TTCT. Athens, Georgia: University of Georgia, Georgia Studies of Creative Behavior.
32- Torrance, E.P. (1974): Torrance Tests of Creative Thinking. Massachusetts: Personel Press.
33- Torrance, E.P. (1976):  Scoring Guide for Stremlined Scoring of Figural form B. of Torrance Tests of Creative Thinking. Athens, Georgia: University of Georgia, Studies of Creative Behavior.
34- ----------------- (1977):  Creativity in the Classroom. Washington, D.C.: National Education Association.
35- ----------------- (1979):  The Search for Satori and Creativity. Baffalo, New York: The Creative Education Foundation.
36- Winn, W. & Sutherland, S. (1989):  Factors Influence in the Reacll of element in Maps and Diagrams and Strategies Used to Encode Them. Journal of Educational Psychology, 81, 1.